للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصله: أنه لو أدركه في حقيقة القيام وشاركه فيها يكون مدركًا لتلك الركعة بالإجماع حتى لو لم يركع معه وركع بعده يكون معتبرًا؛ لأن القيام هو الأصل في الركعة، فكان مدركًا للركعة لمشاركته في القيام؛ لأن إدراك إنسان آخر في شيء لا يكون إلا بمشاركته إياه في ذلك الشيء الذي هو له كإدراك إنسان زمان قوم، ثم الركوع قيام من وجه على ما ذكرنا من قيام النصف الأسفل، فإذا شارك الإمام فيه بأن ركع حال ركوع الإمام يجعل كمشاركته في حقيقة القيام؛ لوجود بعض القيام أو لأنه وجدت المشاركة في أكثر الركعة، فيقوم مقام المشاركة في الكل؛ كيلا يفوته الركعة، وأما إذا لم يشاركه في الركوع لم يوجد المشاركة في حقيقة القيام، ولا في حكم القيام، فلا يكون مدركًا لتلك الركعة؛ لأن الإدراك لا يتحقق بدون المشاركة، وثمرة الاختلاف تظهر (١) في أن عنده هو لا حق في هذه الركعة حتى يأتي بها قبل (٢) فراغ الإمام، وعندنا هو مسبوق بها حتى يأتي بها (٣) بعد فراغ الإمام، كذا ذكره صدر الإسلام، والإمام المرغيناني (٤).

[[مسابقة الإمام]]

ولو ركع/ المقتدي قبل إمامه فأدركه الإمام فيه جاز، وكذا فعل هذا في السجدة، وقال زفر رحمه الله: لا تجزئه، أي: الصلاة إذا لم يعد الركوع لقوله عليه السلام: «إنما جعل الإمام إمامًا ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» (٥)، وقوله عليه السلام: «أما يخشى من يركع قبل الإمام أن تصير رأسه رأس حمار» (٦) شبهه به؛ لأنه فعل فعله حيث اختير بنفسه من غير نفع، فكان ما أتى به وقع حرامًا، وما أتى بعده بناء عليه فلا يعتد به، كما لو رفع رأسه من هذا الركوع قبل ركوع الإمام، ولنا أن القدر الذي وجد فيه المشاركة ركوع حتى يسمى به راكعًا، فيجعل (٧) مبتدئًا/ لا ثانيًا عليه بخلاف ما لو رفع رأسه من هذا الركوع قبل ركوع الإمام؛ لأن ثمة لم يوجد المشاركة في شيء، كذا ذكره الإمام قاضي خان رحمه الله وغيره (٨)، كما في الطرف الأول وهو أن يرفع رأسه قبل الإمام، فهذا لأن السجدة أو الركوع لها طرفان والشركة في أحدهما كافية (٩)، والله أعلم بالصواب (١٠).


(١) ساقط من ب (تظهر).
(٢) في ب بعد بدل من قبل.
(٣) ساقط من ب (بها قبل فراغ الإمام، وعندنا هو مسبوق بها حتى يأتي بها).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٨٢.
(٥) رواه البخاري في صحيحه (٦٥٧)، كتاب الأذان، باب إنما جُعل الإمام ليؤتم به. ومسلم في صحيحه (٤١١)، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام.
(٦) رواه البخاري في صحيحه (٦٥٩)، كتاب الأذان، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام. ومسلم في صحيحه (٤٢٧)، كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوها. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٧) - في ب يجعل بدل من فيجعل
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٨٤.
(٩) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٨٢.
(١٠) - ساقط من ب (والله أعلم بالصواب)