للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: ينوب عنهما كما يقال: لسان الوزير لسان الأمير، ولأنها ذكر يخافت بها في الشفع الثاني في كل الأحوال، فيكون سنة كسائر الأركان، وهذا لأن القراءة/ وإن كانت ركنًا فهي ركن ناقص؛ لأنها تتأدَّى باللسان، واللسان عضو باطن عن وجه ظاهر من وجه فلكونه باطنًا ينبغي أن لا يتعلق به الركن كالقلب، ولكونه ظاهرًا يتعلق به كسائر الأعضاء الظاهر، فلذلك كانت القراءة ناقصة في الركنيه بخلاف سائر الأعضاء، فلو قلنا: بأنها تتكرر بالركنيه في الركعات كلها (١) سوينا بين الناقص والكامل، فأظهرنا ذلك في الشفع الثاني؛ لأنه شرع زيادة على أصل الصلاة، فصار أولى لصرف النقصان إليه كما جعل أولى بالإسقاط في حالة السفر، ولأن شرعية المخافتة بها (٢) في كل الأحوال فيه صارت علمًا على كونها سنة اعتبارًا لسائر الأذكار، ولهذا عينت الفاتحة دون غيرها؛ لأن الفاتحة ذكر وثناء، ولذلك قال علماؤنا: إنه ينوي بالقراءة الذكر والثناء ولا ينوي القراءة (٣)، (٤).

وأما قوله: لا صلاة إلا بالقراءة.

[[القراءة في الصلاة]]

قلنا: المراد منه نفي الفضيلة لا نفي الصلاة بدون القراءة؛ لأن الصلاة توجد بدون القراءة من حيث الحقيقة علمنا أنه يراد به نفي الحكم، والحكم غير مذكور، وغير المذكور لا يجعل مذكورًا إلا لضرورة، والضرورة تنتفي بنفي الأدنى، وهو الفضيلة، ولأنه يشهد لنا؛ لأنه ذكر الصلاة، والصلاة متى ذكرت لا تنصرف إلى ركعة، وإنما ينصرف إلى صلاة كاملة بدليل مسألة اليمين ونحن نقول به (٥).

وقوله: بأن الشفع الثاني تكرار للأول.

قلنا: لا كذلك بدليل أن الجهر لم يتكرر، ولو كان تكرارًا للأول لكان يتكرر القراءة بالصفة التي وجدت في الشفع الأول ألا ترى أن الركعة الثانية لما كانت تكرارًا للأولى تكررت القراءة بالصفة التي وجدت في الأولى، وأما إظهار نقصان الركنية في المخافتة مع بقائه ركنًا فغير مستقيم؛ لأن المخافتة جعلت علمًا على السنة، والنافلة لا على نقصان الركنية (٦) في موضع، فهذا كله حاصل ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله، ومن حجتنا أيضًا أن أصل أركان الصلاة أفعال لما مر، ولهذا سقطت القراءة بالاقتداء إذا خاف فوت الركعة بالإجماع، وكذلك الصلاة كانت مشروعة قبل وجوب القراءة. كذا في الأسرار (٧).


(١) -في ب لكنا بدل من (كلها)
(٢) ساقط من ب (بها)
(٣) في الأصل على الهامش الأيسر (ينوي بالقراءة والشفع الثاني الذكر والثناء ولا ينوي القراءة).
(٤) انظر: كشف الأسرار: ١/ ٢٣٦، والبحر الرائق: ١/ ٣٤٥.
(٥) انظر: فتاوى السغدي: ١/ ٥٠.
(٦) -في ب الركن بدل من الركنية
(٧) انظر: كشف الأسرار: ١/ ٢٣٦، والمحيط البرهاني: ٢/ ١٥٣.