للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: فأما الأخروان. قال في «ذيل المغرب» (١): هو لحن، وإنما الصواب الأخريين؛ وذلك لأن الألف إذا كانت ثالثة ردت إلى أصلها في التثنية نحو عصوان ورحيان، وإن كانت رابعة فصاعدًا لم يقلب إلا ياء نحو أعشيان وجليان والأوليان.

وصفة القراءة أي: يخافت بها في الأخريين على كل حال، وقدرها أي: لا يضم السورة بالفاتحة في الأخريين كمن حلف لا يصلي صلاة حيث (٢) ينصرف إلى الركعتين ولا يحنث بما دونهما (٣) بخلاف ما إذا حلف حيث يحنث بالركعة الواحدة لما أن الصلاة غير مذكورة صريحًا إن شاء سكت، أي: مقدار تسبيحة، وإن شاء قرأ، أي (٤): الفاتحة، لكن قرأها على جهة الثناء لا على جهة القراءة، وبه أخذ بعض المتأخرين من أصحابنا، وإن شاء سبح، أي: ثلاث تسبيحات إلى هذا أشار في «المحيط» (٥)، وتحفة الفقهاء (٦)، وهو المأثور عن علي، وابن مسعود، وعائشة رضي الله عنها. ذكر في «المبسوط» (٧): وعن علي وابن مسعود في الأخريين كانا يسبحان (٨)، وسأل رجل عائشة رضي الله عنها عن قراءة الفاتحة في الأخريين فقالت: "اقرأ ولكن على جهة الثناء" (٩) إلا أن الأفضل أن يقرأ كأنه أراد بذكر الأفضل أنه

لو (١٠) لم يأت بهما من القراءة والتسبيح لا يكون مسيئًا فكان فيه نفي لرواية الحسن، عن أبي حنيفة، فإنه قال: إن لم يقرأ، ولم يسبح كان مسيئًا إن كان متعمدًا، وإن كان ساهيًا فعليه سجدتا السهو؛ لأن القيام في الأخريين مقصود فيكره إخلاءهما (١١) عن الذكر، والقراءة جميعًا، والأول أصح، وهو أن تركهما لا يوجب الكراهة؛ لأن الأصل في القيام القراءة، فإذا سقطت القراءة في الأخريين بقي القيام المطلق، فيكون قيامه كقيام المؤتم بخلاف الركوع والسجود؛ لأن القراءة فيهما غير مشروعة، وإنما المشروع فيهما (١٢) الذكر فلا يجوز اختلائهما عن الذكر، كذا في «المحيط» (١٣)؛ لأنه عليه السلام داوم على ذلك، وقد ذكرنا غير مرة أن المداومة مطلقًا لا يدل على الوجوب، بل على السنة (١٤) والأفضلية، وإنما يدل على الوجوب إن لو كانت مقرونة بغير ترك (١٥).


(١) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٣.
(٢) في ب حنث بدل من حيث
(٣) في ب بعضهما بدل من دونهما
(٤) ساقط في ب (أي: مقدار)
(٥) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٨.
(٦) انظر: تحفة الفقهاء: ١/ ١٢٩.
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢٩٠.
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٣.
(٩) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٣.
(١٠) ساقط من ب (لو)
(١١) في ب اخلائه بدل من (اخلاءهما)
(١٢) في ب بهما بدل من (فيهما)
(١٣) انظر: المحيط البرهاني: ١/ ٤٢٣، ٤٢٤.
(١٤) في ب السنيه بدل من السنه
(١٥) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٣.