للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الخلاف في خيارالقبول]]

وكان الحمل على القول حملاً على ما هو فاشٍ في الاستعمال، وهو بمنْزلة الحقيقة (١) يتسارع إليه الأفهام، وصيانة لاسم المتبايعين عن الحمل على المجاز على ما ذكرنا، وذكر في الأسرار "أن المراد من الخيار المذكور في الحديث خيار الإقالة (٢)، بخلاف النكاح بدليل أنه أضاف إليهما، وإنما الإقالة المبتدأة يتعلق باختيارهما جميعاً، لا الرد بخيار المجلس" (٣) وذكر في الإيضاح، ولا كلام للشافعي (٤) من حيث الفقه، فإن قضية العقد اللزوم؛ لأنه تم بهما، وتعلق به حق كل واحد منهما، فثبوت الخيار يستدعي سبباً لا محالة، ولم يوجد، وحمْل الحديث على خيار القبول منقول عن إبراهيم (٥) رحمه الله.

(أو يحتمله) أي: يحتمل الحديث خيار القبول.

والأعواض (٦) المشار إليها (٧)


(١) "من حيث" زيادة في (ب).
(٢) الإقالة في اللغة: الرفع من أقال يقيل إقالة، قال في المصباح: "أقال الله عثرته: إذا رفعه من سقوطه، ومنه الإقالة في البيع؛ لأنها رفع العقد.
وفي الشرع: هي عبارة عن رفع العقد. المصباح المنير (٢/ ٥٢١)، تبيين الحقائق (٤/ ٧٠)، أنيس الفقهاء (ص: ٧٦).
(٣) الأسرار (١/ ٣٧٤ - ٣٧٥).
(٤) الفقهاء في ثبوت خيار يثبت خيار القبول للمتعاقدين عند الحنفية ما داما جالسين ولم يتم القبول، ولكل منهما حق الرجوع ما لم يقبل الآخر، ولا يخالفهم الحنابلة في ذلك؛ لأن خيار المجلس عندهم يكون في ابتداء العقد وبعده واحداً، فخيار القبول مندرج تحت خيار المجلس، ولا خيار للقبول عند المالكية والشافعية، غير أنه يجوز الرجوع عند الشافعية، ولو بعد القبول، ما دام ذلك في المجلس، ولا يجوز الرجوع عند المالكية، ولو قبل الارتباط بينهما، إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون الإيجاب أو القبول بصيغة المضارع، ثم يدعي القابل أو الموجب أنه ما أراد البيع، فيحلف ويصدق. تبيين الحقائق (٤/ ٣)، المغني (٣/ ٤٨٣)، المبدع في شرح المقنع (٤/ ٦٢).
(٥) إبراهيم النخعي، فقيه العراق، أبو عمران، إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، الكوفي الفقيه، وكان بصيراً بعلم ابن مسعود، واسع الرواية، فقيه النفس، كبير الشأن، كثير المحاسن - رحمه الله تعالى- توفي سنة ست، وقيل: خمس وتسعين للهجرة. وفيات الأعيان (١/ ٢٥)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٢١).
(٦) العوض: واحد الأعواض، تقول منه: عاضني فلان، وأعاضني، عوضني، وعاوضني، إذا أعطاك العوض. الصحاح (٣/ ١٠٩٢).
(٧) قال في الهداية: "قال: والأعواض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع؛ لأن بالإشارة كفاية في التعريف". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٠).