للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[من زنى بجارية ثم قتلها]]

وبهذا الحكم، والمعنى صرّح الإمام التمرتاشي في حدود «الجامع الصغير» (١) فقال: ولو زنى بجارية ثم قتلها يُحدّ عندهم؛ لأنه لا يملكها بالضمان حتى يصير شُبهة (٢)؛ بخلاف ما لو غصبها فزنى بها فقتلها، ثم ضمن قيمتها لم (٣) يُحد؛ لأنّ ضمان الغصب يوجب الملك،

[[من غصب بجارية ثم زنى بها ثم قتلها]]

ثم قال: ولو غصب أمةً فزنى بها فماتت قال محمد (٤) -رحمه الله- الأصح (٥) أنه يجب القيمة، ولا يجب الحد؛ فعُلم بهذا: أن (٦) وجوب ضمان الجناية مع وجوب الحد يجتمعان.

[[من زنى بامرأة مستكرهة فأفضاها]]

وأما وجوب ضمان الغصب مع وجوب الحد فلا يجتمعان، ويدل على هذا أيضًا ما ذكره الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي-رحمه الله- في حدود «المبسوط» (٧)؛ لقوله: (رجل زنى بامرأة مُسْتكرهة فأفْضاها فعليه الحد للزنا، فإن كانت تَسْتمسك البول فعليه ثُلُث الدية-كجِراحة الجائفة (٨)؛ فإن أرش الجائفة كأرش الأمة ثُلت الدية- وإن كانت لا تَسْتمسك البول فعليه كمال الدية؛ لأنه أفسد عليها عُضوًا لا ثاني له في البدن، وهو ما يُسْتمْسك به البول، وفي ذلك كمال الدية، ثم قال: وما يجب بالجناية ليس بدل المُسْتوْفى بالوطء حتى يقال لا يُجمع بينه وبين الحد بل هو المُتْلَف بالجناية، وذلك غير المستوفى بالوطء، فالمُسْتوْفى بالوطء ما يُملك بالنكاح، والإفضاء لا يكون مستحقًا بالنكاح) [ولا يُشكل علينا ما ذكره في «الذخيرة» (٩) على ما ذَكَرْتَ من عدم وجوب الحد عند ضمان القيمة بالموت، فإن ذلك الموت حصل في يد الغاصب قبل الردّ إلى المالك بعارض غير فعل الزنى، فلما ضمنها تأكد ملكها في الجارية، فأَوْرثت ذلك شبهة في وجوب الحد، حتى لو زنى بها ثم غصبها ثم ماتت لم يسقط الحدّ مع وجوب ضمان قيمتها؛ لأنّ الضمان الطارئ لا يُورِّث شُبهة في حق الزنا الذي خلا عن الضمان من كل وجه في وقت زنا (١٠) (١١).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٩/ ٦٠)، ملتقى الأبحر (ص: ٣٥٢).
(٢) سقطت في (أ).
(٣) سقطت في (ع).
(٤) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٢٨٢).
(٥) سقطت في (ع).
(٦) سقطت في (أ).
(٧) للسرخسي (٩/ ٧٥).
(٨) الجَائِفَةُ: الطعنةُ التي تبلغ الجَوْفَ. الصحاح مادة (ج و ف) (٤/ ١٣٣٩)، مجمع الأنهر (١/ ٢٤١).
(٩) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥٠٣).
(١٠) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ١٨٦).
(١١) سقطت في (ع).