للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تبليغ الحجر إلى الأكثر مقام تبليغه إلى الكل]]

قلنا: قضية القياس (١) هكذا، إلا أنا تركنا القياس ثمة لضرورة؛ فإن تبليغ الحجر إلى كل واحد من/ أهل السوق مُتعثر، فأقمنا تبليغ الحجر إلى الأكثر مقام تبليغ الحجر إلى الكل، ألا ترى أن النبي -عليه السلام- كان مأمورًا بتبليغ ما أنزل إليه إلى الناس كافة، ولم يَبْلَغ إلى الكل، إنما بلغ إلى الأكثر، وقام التبليغ إلى الأكثر مقام التبليغ إلى الكل كذا ههنا.

[يثبت الحجر لأهل السوق قصدا لا ضمنًا]

ثم اعلم أن اشتراط إظهار الحجر فيما بين أهل سوقه فيما إذا ثبت الحجر قصدًا لا ضمنًا لشيء آخر، كما في عزل الوكيل.

وأما إذا ثبت الحجر ضمنًا فلا يشترط لانحجاره عِلْمُ أهل سوقه ولا عِلم واحد منهم، حتى أن الموْلَى إذا باع عبده المأذون الذي ليس عليه دين يصير محجورًا، وإن لم يعلم به أهل سوقه؛ لأن هذا حجر ثبت حكمًا للبيع لا مقصودًا (٢)؛ لأن الحجر ثبت بالبيع، والبيع في الأصل لم يوضع للحجر، ألا ترى أن البيع يصحُّ وإن كان لا يثبت الحجر إن لم يكن العبد مأذونًا، وإذا لم يكن موضوعًا للحجر كان ثبوت الحجر به حكمًا لزوال ملك الموْلَى لا مقصودًا لبيع المُوكِّل ما وكَّله ببيعه كان ذلك عزلًا للوكيل حكمًا لا قصدًا؛ لأن البيع لم يوضع للعزل، كذا ههنا؛ لأنه يجوز أن يثبت الشيء حكمًا لغيره (٣)، وإن كان لا يثبت مقصودًا، كعزل الوكيل وهو غائب لا يثبت مقصودًا وثبت حكمًا لغيره؛ وأحد المتفاوضين لا يملك إخراج نفسه عن المفاوضة (٤) مقصودًا حال غيبة شريكه، ويملكه حكمًا لغيره بأن يطلب من غيره درهمًا هبة حتى وهب له درهمًا، وكذلك لو وهب الموْلَى العبد المأذون من رجل وقبضه الموهوب (٥) له يصير محجورًا فلو أنه رجع في الهبة [لا يعود الإذن، وكذلك في فصل البيع إذا رده المشتري بالعيب ورده نَقْض القاضي] (٦) لا يعود الإذن، وإن عاد إليه قديم ملكه (٧).

وكذلك اشتراط إظهار الحجر فيما بين أهل سوقه، فيما إذا كان الإذن عامًّا فيما بين أهل السوق، وأما إذا كان الإذن خاصًّا فيكتفى فيه بالحجر الخاص أيضًا على ما ذكر هذا في الكتاب (٨). كذا في «الذخيرة» (٩) و «المغني» (١٠).


(١) في (ع) (الناس) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٦).
(٣) انظر: المحيط البرهاني (٦/ ٤٩٢)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٦).
(٤) في (ع) (المعاوضة).
(٥) في (أ) (المرهون).
(٦) في (أ) سقط نظر. وما أثبت هو الصحيح. انظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٦).
(٧) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢١١).
(٨) انظر: بداية المبتدي (ص: ٢٠٣).
(٩) انظر: فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨١)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٢)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١١).
(١٠) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٦)، فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨١)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١١).