للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[امامة الفاسق]]

وفي رواية مبسوط شيخ الإسلام (١): قال عمر بن عبد العزيز (٢): لو جاءت كل أمة بجناياتها وجئنا بأبي محمد لغلبناهم، يعني: الحجاج (٣). وروي أن الحجاج كان يخطب يوم الجمعة فأطال الخطبة حتى كاد يدخل وقت العصر فقام ابن عمر رضي الله [عنه] (٤) فقال: أقصر يا مكثار ألزمك الله المأثم كما ألزمتني، فلما فرغ الحجاج من صلاته دعا ابن عمر ليقتله، فقال: أما تخشى أن الله تعالى يسلطني على مالك فآخذه، أو على دمك فأهريقه، أو على نفسك فأضربها، فقال ابن عمر رضي الله عنه: أما يكفيني أني صليت خلف رسول الله عليه السلام، وخلف أبي بكر وعمر، والآن أصلي خلفك وأنت من أفسق الناس (٥)، فثبت أن إمامة الفاسق جائزة، ولأن الفاسق يصلح شاهدًا وقاضيًا (٦)، فيصلح إمامًا في الصلاة بالطريق الأولى (٧).


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٧٣)
(٢) هو: عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي القرشي، أبو حفص: الخليفة الصالح، والملك العادل، وربما قيل له خامس الخلفاء الراشدين تشبيها له بهم. ولد بالمدينة سنة ٦١ هـ ونشأ بها، وولي إمارتها للوليد. ثم استوزره سليمان بن عبد الملك بالشام. وولي الخلافة بعهد من سليمان سنة ٩٩ هـ، فبويع في مسجد دمشق. توفي سنة ١٠١ هـ.
(ثقات ابن حبان: ٥/ ١٥١)، و (التاريخ الكبير: ٦/ ١٧٤)، و (تهذيب الكمال: ٢١/ ٤٣٢).
(٣) هو: أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب الثقفي. ولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين، وكان يصلى بالناس، ويقيم لهم الموسم، ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فوليها عشرين سنة، وحطم أهلها، وفعل ما فعل. وتوفى بواسط ودفن بها، وعفى قبره، وأجرى عليه الماء، وكان موته سنة خمس وتسعين.
(تهذيب الأسماء: ١/ ٢١٢)، و (وفيات الأعيان: ٢/ ٢٩)، و (المحبر: ص ٤٧٥).
(٤) سقط في الأصل.
(٥) هذا الأثر لم أجده في كتب السنة، وإنما وجدته في بعض الكتب الفقهية منها: البناية شرح الهداية لبدر الدين العيني (٢/ ٣٣٣).
(٦) شهادة الفاسق عند الشافعي لا تقبل أصلا ولا تقبل في العقوبات. وَأكْثَرُ عُظَمَاءِ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَاسِقِ وَلِذَلِكَ فَحُكْمُ الْقَاضِي الْفَاسِقِ إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ يَكُونُ نَافِذًا، وقد اختلف في قضاء الفاسق فأكثر الأئمة على أنه لا تصح ولايته كالشافعي وغيره. يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٣٦٣)، شرح فتح القدير (٧/ ٢٥٣).
(٧) يُنْظَر:. مسألة إمامة الفاسق: عند المالكية: إن كان فسقه مقطوعا به أعاد الصلاة المصلي وراءه أبدا وإن كان مظنونا استحبت له الإعادة في الوقت، وعند الحنفية: إمامة الفاسق مكروهة، وعند الشافعية: قَالَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " وَأَكْرَهُ إِمَامَةَ الْفَاسِقِ، وعند الحنابلة: ففيه روايتان: إحداهما: لا تصح وهو المذهب سواء كان فسقه من جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال والرواية الثانية: تصح.
ينظر: حاشية الطحطاوي (١/ ٢٠٣ - ٢٠٤)، الحاوي (٢/ ٣٢٨ - ٣٢٩)، بداية المجتهد (١/ ١٤٥)، الشرح الكبير على متن المقنع (٢/ ٢٣ - ٢٤).