للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[كيفية السجود والقيام منه]]

وَذَكَرَ فِي "شرح الطحاوي" فِي كَيْفِيَّةِ السُّجُودِ وَالْقِيَامِ مِنْهُ، فَقَالَ: (يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ مَا يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ رُكْبَتَاهُ ثُمَّ يَدَاهُ ثُمَّ وَجْهُهُ) (١) وَقَالَ بَعْضُهُمْ، يَضَعُ أَنْفَهُ ثُمَّ جَبْهَتَهُ، وَإِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ [ .. ] (٢) فَنَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ يَضْعُ أَوَّلًا مَا كَانَ أَقْرَبُ إِلَى السَّمَاءِ (٣) [وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ؛ يَرْفَعُ أَوَّلًا مَا كَانَ أَقْرَبُ إِلَى السَّمَاءِ] (٤) هَذَا إِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَافِياً يُمْكِنُهُ وَلَوْ كَانَ ذَا خُفٍّ لَا يُمْكِنُهُ وَضْعَ الرُّكْبَتَيْنِ أَوَّلاً؛ فَإِنَّهُ يَضَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ حُجَّةِ أَبِي يُوسُفَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» (٥) وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ.

وَالْمَعْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ هَذَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا (٦) يَتَأَدَّى هَذَا الرُّكْنُ بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاسْمُ، بَلْ بِزِيَادَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ تُوجَدُ بَعْدَهُ، قِيَاساً عَلَى الْقِيَامِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ؛ وَلِأَنَّ الرُّكُوعَ رُكْنٌ شُرِعَ فِيهِ تَسْبِيحٌ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ رَفَعُ الرَّأْسِ عَنْهُ رُكْناً/ قِيَاساً عَلَى السَّجْدَةِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ رُكْناً يُشْرَعُ فِيهِ تَسْبِيحٌ كَانَ رَفْعُ الرَّأْسِ عَنْهُ رُكْناً فَكَذَا هَذَا وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ -رحمهما الله- بِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ، فَيُجْزِيهِ قِيَاساً عَلَى مَا لَوِ اطْمَأَنَّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُ بِالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَقَدْ أَتَى بِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَيْلِ، وَالانْحِنَاءِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَكَعَتِ النَّخْلَةُ إِذَا مَالَتْ إِلَى الْأَرْضِ.


(١) "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (١/ ٦١٦).
(٢) في نسخة (أ) (وَإِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ) وهي جملة مشطوبة وليست في (ب).
(٣) في (ب): (الأرض).
(٤) ما بين المعكوفين زيادة من (ب).
(٥) ورد من حديث أبي مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود"، أخرجه أبو داود في "سننه"ص ١١٢، كتاب الصلاة، أبواب تفريع استفتاح الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، حديث (٨٥٥)، وأخرجه الترمذي في"سننه" (١/ ٣٥١)، أبواب الصلاة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، حديث (٢٦٥)، وأخرجه النسائي في"سننه" (٢/ ٢٥٢)، كتاب الافتتاح، إقامة الصلب في الركوع، حديث (١٠٢٦)، وأخرجه بن ماجه في "سننه" (١/ ٢٨٢)، كتاب إقامة الصلاة، باب الركوع في الصلاة، حديث (٨٧٠) وقال الترمذي: (حديث أبي مسعود حديث حسن صحيح).
(٦) (لَا) ساقطة من (ب).