للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما لو كان عليه دين فأجاز الموْلَى العتق جاز، وضمن قيمة العبد لغرماء المأذون، هذا على قولهما (١)؛ لأن الموْلَى لو أنشأ العتق جاز، وضمن القيمة فكذا إذا أجاز، ولا سبيل للغرماء على العِوض بخلاف الكتابة؛ لأن ما يُؤدِّيه كسب الحر، وحق الغرماء غير متعلق بكسب الحر، وأما بدل الكتابة يُؤَدَّى في حال الرق فتعلَّق به حق الغرماء. كذا في «الإيضاح» (٢).

(المجاهز عِنْدَ الْعَامَّةِ: الْغَنِيُّ مِنْ التُّجَّارِ وَكَأَنَّهُ أُرِيدَ الْمُجَهِّزُ وَهُوَ الَّذِي يَبْعَثُ التُّجَّارَ بِالْجِهَازِ وَهُوَ فَاخِرُ الْمَتَاعِ أَوْ سَافِرُ بِهِ فَحُرِّفَ إلَى المجاهز) كذا في «المغرب» (٣).

[[جواز اتخاذ الضيافة اليسيرة]]

وقوله: (إلا أن يُهدي اليسير من الطعام أو يُضَيِّف من يُطْعِمه) أي: أو يتخذ الضيافة اليسيرة، فلا بد ههنا من الفرق بين الهدية والضيافة اليسيرة من العظيمة.

وذكر في «الذخيرة» (٤): وله أن يتخذ الضيافة اليسيرة (٥)، وليس له أن يتخذ الضيافة العظيمة، والقياس (٦): ألا (٧) يتخذ الضيافة يسيرةً كانت أو عظيمةً؛ لأنها تبرع إلا أنَّا استحسنَّا في اليسيرة؛ لأنها من صنع التجار لا يتخذون بُدًّا (٨) منها حتى بمثل قلب الناس إليه فتكثر المعاملة معهم، وأما [العظيمة فليس من صنيع التجار، ويتخذون بُدًّا منها فنعمل فيها بالقياس، ثم لابدَّ من حاصل فاصل من] (٩) العظيمة واليسيرة، رُوي عن محمد بن سلمة- رحمه الله- (١٠) (١١) أنه قال ذلك على مقدار مال تجارته، إن كان مال تجارته مثلًا عشرة آلاف درهم فاتخذ ضيافة بمقدار عشرة كان يسيرًا، وإن كان مال تجارته عشرة مثلًا فاتخذ ضيافة بمقدار دانق (١٢) فذاك (١٣) يكون كثيرًا عرفًا، هذا هو الكلام في الضيافة (١٤).


(١) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ١٧٠)، تحفة الفقهاء (٣/ ٢٩٠)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧).
(٢) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ١٦٩)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٨).
(٣) المغرب (ص: ٩٧).
(٤) انظر: تحفة الفقهاء (٣/ ٢٨٨)، فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨٧)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٤٤).
(٥) وبه قال أحمد، وقال مالك: (لَا يَجُوزُ لَهُ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ سَيِّدُهُ) وقال الشافعية: (ولا يجوز للمأذون في التجارة التبرع بهبة الدراهم ولا كسوة الثياب ولا الهبة بالمأكول ولا إعارة الدابة) انظر: المدونة (٤/ ٨٩)، المجموع (١٤/ ٣٩٨)، المغني (٥/ ٦٢).
(٦) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧)، العناية شرح الهداية (٩/ ٢٩٢).
(٧) سقطت في (أ).
(٨) البُدَّ: أَيْ لَا مَحِيدَ عَنْهُ. المصباح المنير مادة (ب د د) (١/ ٣٨).
(٩) في (أ) سقط نظر.
(١٠) هو: محمد بن سلمة، الإمام المفتي، أبو عبدالله، الحراني، روى عنه الإمام أحمد، قال ابن سعد: كان ثقةً فاضلًا له رواية وفتوى، روى له مسلم والأربعة، توفي ١٩٢ هـ. انظر: الثقات (٩/ ٥١)، تذكرة الحفاظ (١/ ٢٣٠)، الوافي بالوفيات (٣/ ١٠٢)، تاريخ الإسلام (٤/ ١١٩٥).
(١١) انظر: فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨٧)، الاختيار (٢/ ١٠٢).
(١٢) الدَّانِق: لفظ معرب مأخوذ عن اليونانية، ومقداره سدس درهم، ومقدار الدانق عند الحنفية (٣، ١٢٥÷٦ =٠، ٥٢١) جرامًا، وعند الجمهور (٢، ٩٧٥ ÷٦ = ٠، ٤٩٦) جرامًا. انظر: المكاييل والمقاييس الشرعية لعلي جمعة (١/ ٢٤)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٢٠٦).
(١٣) في (أ) زيادة (لا) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٢٩١).
(١٤) انظر: الاختيار (٢/ ١٠٢)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٨).