للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والوكيل يملكه بدون أمره فلا يصلح نائبًا عنه) من قبل أن التّوكيل إثبات ولاية التّصرف فيما هو ثابت للموكِّل، وليس بثابت للوكيل، وهذا المعنى لايمكن تحقيقه هاهنا فَلم تثبت الشّركة (١)، كذا في الإيضاح.

فإن قيل: يُشكِل هذا بالتوكيل بشراء عبدٍ غير معيَّن، فإنّه يجوز مع أنَّ الوكيل كان يملك شراءه لنفسه قبل التّوكيل وبعده، فعُلِم بهذا أنّه لايشترط لصحّة التّوكيل أنْ لا يملك الوكيل

[[الفرق بين التوكيل بالشراء والتوكيل بالاحتطاب]]

ذلك التصرُّف قبل التّوكيل بل يجوز التّوكيل فيما يملكه الوكيل قبل التّوكيل.

قلنا: لا يشكل لما أنّ التّوكيل بالشّراء يخالف التّوكيل بالاحتطاب بوجهين:

أحدهما: أنّ في العبد المعيَّن لا يملك الوكيل أنْ يشتريه لنفسه بعد التّوكيل، وإنْ كان يملكه قبله، والتّوكيل بالاحتطاب في الحطب المعيَّن وغير المعيَّن سواء في أنّه لا يصحّ لوقوع التّوكيل في أمر مباح لهما.

والثاني: أن بالتّوكيل يلزم الثّمن في ذمّة الموكِّل، ولا يلزم قبله (٢)، فلم يَكن (٣) الوكيل قادرًا هناك على إلزام الثّمن في ذمّة الموكِّل قبل التّوكيل وبعده (٤) فصحّ ما/ قلنا إنّ التّوكيل إنّما يصحّ فيما لا يملكه الوكيل قبل التّوكيل، ولكن الأوجه في التّعليل ماذكره الإمام المحقِّق شمس الأئمة السّرخسي في المبسوط، فإنّه أمتن تمشيةً وأقوى استقامةً، فقال: "لأنً الاحتطاب اكتساب، والاكتساب في المحلّ المباح يوجِب الملك للمكتسب، فحينئذ كان كلُّ واحدٍ منهما يشترط لنفسه بعض كسب صاحبه مِن غير رأس مال ولا ضمان له فيه، أو يصير كلُّ واحدٍ منهما كالمفاوض مع صاحبِه بنصف ما يكتسِب صاحبه، وهذا مفاوضة في المجهول فلا تكون صحيحة" (٥).

(فللمعيّن أجر مثله بالغًا ما بلغ عند محمد (٦) لأنّ المسمّى مجهول الجنس والقدر فإنّه لايُدْرَى أَيّ نوع من الحطب يصيبان، وهل يصيبان شيئًا أم لا، والرّضا بالمجهول لا يصحُّ فإذا سقط اعتبار رضاه بَقِيَت منافعه مستوفاة بعقد فاسد، فله أجر مثلِه بالغًا مابلغ. ألا ترى أنّه إنْ (٧) أعانه عليه فلَم يصيبا شيئًا استحقّ أَجر مثله بالغًا مابلغ، فإذا أصابا شيئًا أولى، بخلاف حمل الحنطة، فإنَّ القَفيز منها معلوم، فاعتبر رضاه في المعلوم، فلهذا لا يجاوِز به المسمّى.


(١) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١٩٢).
(٢) في (ب) "قبله".
(٣) ساقط من (ب).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) المبسوط للسرخسي (١١/ ٢١٦).
(٦) المرجع السابق.
(٧) في (ب) "لو".