للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندنا (١) خلافًا له (٢).

[[جواز بيع المأذون بالغبن الفاحش]]

(وكذا بالفاحش عند أبي حنيفة-رحمه الله-) أي: يجوز بيع العبد المأذون وشراؤه بالغَبن الفاحش عند أبي حنيفة (٣) -رحمه الله-، سواء كان عليه دين أو لم يكن، (ولا يجوز في قول أبي يوسف (٤) ومحمد (٥) - رحمهما الله-)، وكذلك الخلاف في المُكاتَب والصبي والمعتوه يأذن له أبوه [في التجارة يتصرف بما لا يتغابن الناس فيه، وطريقهما أن المحاباة (٦) الفاحشة بمنزلة الهبة] (٧)، ألا ترى أن من لا يملك الهبة كالأب والوصي في مال الصغير لا يملك التصرف بالمحاباة الفاحشة (حتى اُعْتُبر ذلك من المريض من ثلث ماله) كالهبة، ثم هؤلاء لا يملكون الهبة، فكذلك لا يملكون التصرف بالمحاباة الفاحشة، وهذا لأنه ضد لما هو المقصود بالتجارة، والمقصود بالتجارة الاسترباح دون إتلاف المال (٨).

وأبو حنيفة (٩) - رحمه الله-يقول: (انفكاك الحجر عنه بالإذن في وجوه التجارات كانفكاك الحجر عنه بالعتق، والبلوغ عن عقل، وبعد ذلك هو يملك التصرف بالغبن الفاحش واليسير فكذلك بعد الإذن؛ وهذا لأن التصرف بالغبن الفاحش تجارة، فإن التجارة مبادلة مال بمال (١٠) وهذا كذلك؛ ألا ترى أنه تجب الشفعة للشفيع في الكل، بخلاف الهبة فإنه ليس بتجارة، وبخلاف الأب والوصي لأنه لم يثبت لهما الولاية في التجارة في مال الصغير مطلقًا، بل مقيدًا بشرط الأحسن والأصلح، ولا يبعد ألا يصح التصرف من الأب والوصي، ثم يصح من الصبي بعد الإذن كالإقرار بالدين؛ والبيع بالغبن الفاحش من صنيع التجار، لاستجلاب قلوب المُجَاهِزين (١١) حيث يُسامِحون في تصرفٍ لتحصيل مقصودهم من الربح في تصرفات أُخَر بعد ذلك، ثم إن كان يُعتبر في حق المريض من الثلث لعدم الرضا به من غرمائه وورثته، فذلك لا يدل على أنه لا ينفذ من المأذون كالغبن اليسير) يعني: أنه يصح من المأذون بالاتفاق (١٢)، ومع ذلك أنه معتبر من الثلث في تصرف المريض.


(١) انظر: الأسرار (١/ ٣٩٦)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩١)، الاختيار (٢/ ١٠١).
(٢) أي: للشافعي-رحمه الله-.
(٣) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ٨٨)، تحفة الفقهاء (٣/ ٢٨٨)، الاختيار (٢/ ١٠١).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٨)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٦).
(٥) انظر: المبسوط للشيباني (٩/ ٨٨)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٥٣١).
(٦) الحِباءُ: العطاء. الصحاح مادة (ح ب ا) (٦/ ٢٣٠٨)، والمحاباة في البيع: حط بعض الثمن والمسامحة في البيع بزيادة المشتري شيئًا على الثمن أو حط البائع شيئًا منه. انظر: طلبة الطلبة (١/ ١٦٣)، معجم لغة الفقهاء (١/ ٤٠٧).
(٧) سقطت في (ع).
(٨) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٤)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٦)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٨).
(٩) المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٥٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٦).
(١٠) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٦).
(١١) المجاهز عِنْدَ الْعَامَّةِ: الْغَنِيُّ مِنْ التُّجَّارِ وَكَأَنَّهُ أُرِيدَ الْمُجَهِّزُ وَهُوَ الَّذِي يَبْعَثُ التُّجَّارَ بِالْجِهَازِ وَهُوَ فَاخِرُ الْمَتَاعِ أَوْ يُسَافِرُ بِهِ فَحُرِّفَ إلَى المجاهز. المغرب مادة (ج هـ ز) (ص: ٩٧).
(١٢) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٨)، العناية (٩/ ٢٨٦).