للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الاستخلاص من التركة بأداء قيمته إلى الغرماء]]

(أما حق الغرماء تعلَّق بالمالية) دون العين؛ ألا ترى أن للموْلَى أن يستخلص أكسابه لنفسه لقضاء الدين من موضع آخر، وليس في البيع بمثل القيمة إبطال حقهم عن شيء من المالية؛ فإذا أجاز البيع طالَبَ العبدُ مولاه بالثمن لحق غرمائه، سواء سلَّم إليه المبيع أو لم يسلَّم؛ لأن الموْلَى في هذه الحالة كالأجنبي من كسبه، لحق غرمائه، ولو حابى فيه بما يتغابن الناس فيه، أو بما لا يتغابن الناس فيه، فهو سواء، ويقال للموْلَى: أنت بالخيار إن شئت فانقض البيع، وإن شئت فأدِّ جميع قيمة ما اشتريت، وخذ ما اشتريت؛ لأن في المحاباة إبطال حق الغرماء عن شيء من المالية، والعبد في ذلك متهم في حق الموْلَى، والمحاباة اليسيرة والفاحشة في ذلك سواء، كما في حق المريض؛ لأن تصرفه ما كان بتسليط من الغرماء، وإنما يتخيَّر الموْلَى؛ لأنه يلزمه زيادة في الثمن لم يرض بالتزامه، وقيل هذا قولهما (١).

وأما عند أبي حنيفة (٢) - رحمه الله-: البيع فاسد بمنزلة بيع المريض من وارثه؛ فإن هناك لما تمكنت تُهمة الإيثار في تصرفه فسد البيع عنده، فكذلك ههنا، بخلاف البيع بمثل القيمة، والأصح (٣) أن هذا قولهم جميعًا؛ لأن العبد في تصرفه مع مولاه كالمريض المديون في تصرفه مع الأجنبي) هذا كله من «المبسوط» (٤)، فعلى هذا ما ذكره في الكتاب (٥) بقوله (وإن باعه بنقصان لم يجز) أي (٦): عند أبي حنيفة (٧) -رحمه الله-، وما ذكره من تخصيص قولهما بقوله (وقال أبو يوسف ومحمد (٨): إن باعه بنقصان يجوز البيع ويخيَّر الموْلَى إلى آخره) وقع على غير الأصح مما اختاره من «المبسوط» (٩).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٢)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٤).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٧٠)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٢)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٤).
(٣) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢١٤).
(٤) للسرخسي (٢٥/ ٧٠).
(٥) انظر: مختصر القدوري (١/ ١٤١)، بداية المبتدي (ص: ٢٠٤).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٤).
(٨) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٥)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥١)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٤).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٧٠).