للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن رد عليه (١) بغير قضاء بعيب (٢) لا يحدث مثله كالإصبع الزائدة أو الناقصة.

(وهذا يبين أن الجواب فيما يحدث)

كالقروح والأمراض.

(وفيما لا يحدث سواء)

أي: وضع المسألة في الجامع الصغير (٣) من العيب الذي لا يحدث مثله في عدم ولاية الخصومة عند قبوله بغير القضاء يبين أن العيب الذي يحدث مثله والعيب الذي لا يحدث مثله سواء في عدم ولاية الخصومة مع البائع الأول؛ وذلك لأنه لما لم يتمكن من الرد في العيب (٤) الذي لا يحدث مثله، مع أنا نتيقن أن ذلك العيب كان موجوداً في يد البائع الأول؛ كان أولى أن لا يتمكن من الرد في العيب الذي يحدث مثله؛ لأنه يحتمل أنه حدث عند المشتري، لا عند البائع، فهذا هو فائدة وضع الجامع الصغير.

[[قبض المشتري العبد وادعى عيبا به قبل نقد الثمن]]

وذكر شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله - في الجامع الصغير (٥): ولو رده المشتري الآخر على بائعه بغير قضاء القاضي فليس له أن يرده على بائعه أبداً، سواء كان عيباً يحدث مثله أو لا يحدث، في أصح الروايتين، وذكر في بعض نسخ البيوع (٦) (٧)، أن في العيب الذي لا يحدث مثله يرده على بائعه، سواء رد عليه بقضاء أو بغير قضاء؛ (لأنا) (٨) تيقنا بوجود العيب عند البائع الأول، فقد فعل بدون القاضي غير ما يأمر به القاضي لو رجعا (٩) الأمر إليه، ووجه الرواية الصحيحة أن الرد بغير قضاء القاضي إقالة يعتمد التراضي فيكون بمنْزلة بيع جديد في حق غيرها، وهو البائع الأول، فلا يعود إليه الملك المستفاد من جهة البائع الأول ليخاصمه.

ومن اشترى عبداً فقبضه، وادعى عيباً لم يجبر أي: المشتري.

على دفع الثمن حتى يحلف البائع، أو يقيم المشتري بينة

وإن قلت: ما وجه صحة هذا اللفظ، أو ظاهره يقتضي فساد المعنى؛ لأنه غيَّا عدم إجبار المشتري على دفع الثمن إلى أحد الشيئين، وهما: حلف البائع، وإقامة المشتري بينة على أن العيب كان عند البائع، وما بعد الغاية يخالف ما قبل الغاية (١٠)، فيلزم إجبار المشتري على دفع الثمن عند وجود أحدهما، وكأن المعنى لا يجبر المشتري على دفع الثمن حتى يحلف البائع، أو يقيم المشتري بينة على أن العيب كان عند البائع، فحينئذ يجبر، وهذا مستقيم في حلف البائع، وأما في إقامة المشتري بينة على أن العيب كان عند البائع فغير مستقيم أصلاً؛ لأن عند إقامة المشتري بينة على أن العيب كان عند البائع يرد المبيع على بائعه بالعيب، فكيف يجبر على دفع الثمن؟.


(١) "بعيب" زيادة في (ب).
(٢) سقط من (ب).
(٣) قال في الجامع الصغير: "وإن رد عليه بغير قضاء بعيب لا يحدث مثله لم يكن له أن يخاصم الذي باعه". الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٥٣).
(٤) "بالعيب" في (ب).
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٨/ ١٣٥).
(٦) "البيع" في (ب).
(٧) "من المبسوط" زيادة في (ج).
(٨) في (ب)، وفي هامش (أ).
(٩) "رفعا" في (ب).
(١٠) قال ابن مفلح: "التخصيص بالغاية، كـ (أكرم بني تميم حتى أو إِلى أن يدخلوا)، فيقصر على غيرهم؛ لأن ما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وإلا لم تكن غاية، بل وسطًا بلا فائدة. وقال نجم الدين: «فيفيد أن حكم ما بعد الغاية يخالف ما قبلها»، كالحل بعد نكاح زوج غيره، وجواز القربان بعد التطهر، ومنع القتال بعد أداء الجزية، وأن لا صيام بعد دخول الليل، ولا غسل واجب بعد المرافق والكعبين". أصول الفقه لابن مفلح (٣/ ٩٤٢)، شرح مختصر الروضة (٢/ ٧٥٨).