للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم هذا الحجر عندهما لا يثبت إلا بقضاء القاضي، ومحمد- رحمه الله- يُفرِّق بين هذا/ والأول، فيقول: الحجر هنا لأجل النظر للغرماء؛ فيتوقف على طلبهم، وذلك لا يتم إلا بقضاء القاضي له، والحجر على السفيه لأجل النظر له، وهو غير موقوف على طلب أحد، فيثبت حكمه بدون القضاء (١).

[[بيع مال المديون]]

والفصل الثاني (٢): أنه لا يُباع على المديون ماله في قول أبي حنيفة- رحمه الله-: العروض والعقار في ذلك سواء، إلا مبادلة أحد النقدين بالآخر، فللقاضي أن يفعل ذلك استحسانًا لقضاء دينه، وقال أبو يوسف ومحمد- رحمهما الله-: (يبيع عليه ماله فيقضى دينه بثمنه) [كذا في المبسوط] (٣) (٤).

[[القضاء بالإفلاس]]

وذكر في «الذخيرة» (٥) (فمن مشايخنا من قال: مسألة الحجر بسبب الدين بناء على مسألة القضاء بالإفلاس؛ لأنَّ من شَرْط صحة الحجر على المديون القضاء بإفلاسه أولًا، ثم الحجر بناء عليه، حتى لو حجر عليه ابتداءً من غير أن يقضي عليه بالإفلاس لا يصح حجره بلا خلاف (٦)، والإفلاس عندهما يتحقق في حالة الحياة، فيمكن للقاضي القضاء بالإفلاس وبالحجر بناء عليه، وعند أبي حنيفة (٧) - رحمه الله-: الإفلاس في حالة الحياة لا يتحقق؛ فلا يمكنه القضاء بالإفلاس أولًا وبالحجر بناء عليه.

ومنهم من جعل المسألة مسألة مبتدأة؛ فعلى هذا القول المانع (٨) من الحجر عند أبي حنيفة- رحمه الله-كون الحجر متضمنًا إلحاق الضرر بالمحجور، ولا تعلُّق له بالقضاء بالإفلاس).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٤)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٩)
(٢) سقطت في (أ). وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٣)
(٣) سقطت في (أ).
(٤) للسرخسي (٢٤/ ١٦٤)، وكذلك انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦٩)، الاختيار (٢/ ٩٨).
(٥) انظر: مخطوط الذخيرة (٤/ ١٢٦/ أ) المحيط البرهاني (٢/ ٣٠٧)
(٦) وهذا عندهما خلافا لأبي حنيفة. انظر: الاختيار (٢/ ٩٩)، فتح القدير (٩/ ٢٧٤)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٤٨).
(٧) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ٩)، المحيط البرهاني (٢/ ٣٠٧)، فتح القدير (٩/ ٢٧٤).
(٨) المَنْعُ لُغَةً: خِلاف الإعطاء. الصحاح مادة (م ن ع) (٣/ ١٢٨٧)، واصطلاحًا: هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. البحر المحيط (٤/ ٤٤٠)، شرح مختصر الروضة (١/ ٤٣٦).