للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[إذا اصطدم فارسان]]

اصطدم الفارسان أي: ضرب أحدهما الآخر بنفسه وفي تقييد الفارسين في الكتاب بقوله: (وَإِذَا اصْطَدَمَ فَارِسَانِ (١) ليست زيادة فائدة فإنَّ (٢) الحكم في اصطدام الماشيين وموتهما بذلك كذلك الحكم أيضاً ذكره في «المبسوط» (٣) سِوَى أن موت المصطدمين في الغالب إنما يكون في الفارسين (٤).

ثم ما قلناه: جواب الاستحسان، وما قاله: (زُفَرُ وَالشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُمَا الله - (٥) جواب القياس (٦)، وجه الاستحسان هو ما (رُوِيَ عَن عَلِيِّ -رضي الله عنه- (٧): «أنَّه جعل دية كل واحد من المصطدمين على عاقلة صاحبه». (٨)

(كَالمَاشِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالبِئْرِ وَوَقَعَ فِيْهَا: لا يُهْدَرُ شَيْءٌ مِن دَمِهِ (٩). يعني: إذا مات بالوقوع في البئر مع أن البئر في نفسها في قارعة الطَّريق ليست بسبب لموته بل البئر مع المشي إليها سبب للموت، والمعنى فيه أيضاً: هو أنَّ كل واحد منهما مدفوع بصاحبه فكأنَّه أوقعه من الدَّابة بيده، وهذا لأنَّ دفع صاحبه إيَّاه علة معتبرة (١٠) لإتلافه في الحكم فأمَّا قوة المصدوم فلا تصلح أن تكون علة معارضة لدفع الصَّادم فهو بمنزلة من وقع في بئر حفرها رجل في الطَّريق يجب الضَّمان على الحافر، وإن كان لو لا مشيه وثقلة في نفسه لما هَوَى (١١) في البئر وكذلك لو دفع إنسان غيره في بئر حفرها رجل في الطَّريق فالضَّمان على الدافع دون الحافر وإن [كان] (١٢) لولا حفره لذلك الموضع لما تلف بدفعه إلى هذا أشار في «المبسوط» (١٣).


(١) بداية المبتدي (٢٥٠)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر مختصر القدوري (٢٩٢).
(٢) وفي (ب) (لأن).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٩١).
(٤) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٧٣)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٦٠).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٩).
(٦) مذهب الشافعية: أنه إذا اصطدم راكبان حران، فوقعا وماتا، فكل واحد مات بفعله وفعل صاحبه، فهو شريك في القتلين، ففعله هدر في حق نفسه، مضمون في حق صاحبه، فالصحيح: أن في تركة كل واحد منهما كفارتين، لأن الكفارة لا تتجزأ، وفي تركة كل واحد نصف دية صاحبه إن كان التصادم عمدا، وإن كان خطأ، وعلى عاقلة كل واحد نصف دية الآخر، ويكون الحال كذلك إذا كان الإصطدام هذا بين حُرَّين ماشيين.
يُنْظَر: الوسيط (٦/ ٣٦٢)، روضة الطالبين (٩/ ٣٣١).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٩).
(٨) قال الزيلعي (٤/ ٣٨٦): غريب. ورواه عبد الرزاق في مصنفه (١٠/ ٥٤)، في (كتاب العقول)، في (باب المقتتلان والذي يقع على الآخر أو يضربه)، برقم (١٨٣٢٨) عن أشعث عن الحكم عن علي أن رجلين صدم أحدهما صاحبه فضمن كل واحد منهما صاحبه. يعني: الدية. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٥/ ٤٢٤)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يصدم الرجل)، برقم (٢٧٦٣٢) عن أشعث عن حماد عن إبراهيم عن علي: في فارسين اصطدما فمات أحدهما فضمن الحي الميت. قال ابن حجر في الدراية (٢/ ٢٨٢): ومن وجه آخر عن على يضمن الحي دية الميت وهما منقطعان.
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٩).
(١٠) وفي (ب) (معتبر).
(١١) قال الأصمعي: هوى بالفتح يهوى هويا، أي سقط إلى أسفل. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (٦/ ٣٨٨).
(١٢) سقط في (ب).
(١٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٩٠، ١٩١).