للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن حلف جئت ببينتي؛ يحلف في قولهم.

وفي الجامع الصغير للإمام شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله (١) -: وإن قال: شهودي بالشام فأمهلني حتى يجيء شهودي، أو آتيك بكتاب حكمي، لم يلتفت القاضي إلى كلامه، ولكنه يأمره بدفع الثمن إذا حلف البائع بعدما طلب المشتري يمينه، ثم هو على حجته، أو أحضر شهوده؛ لأن السبب الموجب لأداء الثمن على المشتري -وهو البيع (٢) - معلوم، وما يدعيه المشتري من البائع -وهو العيب- موهوم، والموهوم لا يعارض المعلوم.

(لأنه حجة فيه)

أي: لأن النكول (٣) حجة في ثبوت العيب، وهذا احتراز عن النكول في الحدود والقصاص بالإجماع (٤)، وعن النكول في الأشياء الستة على قول أبي حنيفة.

ومن اشترى عبداً، أو ادعى إباقاً أي: كذبه البائع.

[[اشترى العبد وادعى الإباق]]

لم يحلف البائع … إلى آخره (٥) ثم إنما عين وضع المسألة في الإباق، وكذلك في السرقة والجنون، والعيوب التي لا تشاهد ليبتني عليه مسألة التحليف؛ لأن المشتري إذا ادعى عيباً ظاهراً بالمبيع، وهو مما لا يحدث مثله، كالإصبع الزائدة أو الناقصة، فإن القاضي يقضي بالرد من غير تحليف إذا طلب المشتري؛ لأنا تيقنَّا لوجوده في يد البائع، كذا في الإيضاح (٦). وحاصل ذلك ما ذكره الإمام قاضي خان - رحمه الله - في الجامع الصغير فقال: "المشتري إذا ادعى بالبيع عيباً فهو على وجوه أربعة:

أحدها: أن يدعي عيباً ظاهراً، كالعمى، والإصبع الزائدة، السن الشاغية (٧)، أو

باطناً لا يعرفه إلا الأطباء، كوجع الكبد والطحال، أو عيباً يطلع عليه النساء دون الرجال، كالقرن (٨) والرتق (٩)، أو يدعي عيباً لا يعرف إلا بالتجربة والإخبار، كالإباق، والسرقة،


(١) الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٥٠).
(٢) "البائع" في (ج).
(٣) سبق ص ٢٤٨.
(٤) الحاوي الكبير (١٧/ ١٤٢)، المغني لابن قدامة (١٠/ ٢١٢).
(٥) هذا معنى قوله في الهداية: (لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة أنه أبق عنده). الهداية (٣/ ٩٦٦).
(٦) المبسوط للسرخسي (١٨/ ١٣٧).
(٧) الشاغية: هي الزائدة على الأسنان، وهي التي تخالف نبتتها نبتة غيرها من الأسنان.
معجم ديوان الأدب (٤/ ٤٣)، مختار الصحاح (١/ ٦٦)، لسان العرب (٨/ ١٠٠).
(٨) القرن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه، إما غدة غليظة، أو لحمة مرتتقة، أو عظم (وامرأة قرناء) بها ذلك. طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ١١١)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٣٨١)، أنيس الفقهاء (ص: ٥٣).
(٩) الرتق -بفتح التاء-: وَهُوَ انْسِدَادُ الرَّحِمِ بِعَظْمٍ وَنَحْوِهِ، وَالْمَرْأَةُ الرَّتْقَاءُ الَّتِي لا يَصِلُ إلَيْهَا زَوْجُهَا. وقال في المغرب: "إذا لم يكن لها خرق إلا المبال". طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ٤٦)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: ١٨٣)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص: ٢٥٥)، أنيس الفقهاء (ص: ٥٣).