للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(حيث أنكر تعين حقه)

أي: أنكر المشتري تعين حقه في المبيع المعيب؛ لأنه يقول: حقي في السليم لا في المعيب، فكان منكراً فلا يجبر.

فإن قيل: الموجب للجبر وهو البيع مع القبض متحقق، وما ادعاه المشتري من العيب موهوم، والموهوم لا يعارض المتحقق (١).

قلنا: وإن كان ما ادعاه المشتري موهوماً لكن يجب على القاضي صيانة قضائه عن البطلان، فإنه لو أجبر المشتري على أداء الثمن، ثم أقام المشتري البينة على ما ادعاه يحتاج القاضي إلى نقض قضائه، وسعيُ الإنسان في نقض ما تم من جهته مردود.

استحلف البائع ودفع الثمن

كلاهما بصيغة المجهول.

(وليس في الدفع كثير ضرر به (٢)

أي: بالمشتري.

(لأنه على حجته) (٣) لو حضر شهوده كان سبيلاً من إقامة البينة، ورد المبيع على البائع بالعيب بالحجة وهي إقامة البينة، وفي قول: لأنه على حجته [دلالة على أن إقامة البينة من المدعي بعد عين المدعي عليه] (٤) معتبرة، كذا وجدت بخط شيخي- رحمه الله-.

وفي الجامع الصغير للإمام التمرتاشي - رحمه الله -: فقال في أدب القاضي: قال رجل: "لا بينة لي، فحلف خصمه، ثم أتى ببينة، يقبل في قول أبي حنيفة، وقال محمد: لا يقبل، ولا يحفظ في هذا رواية عن أبي يوسف، وفي جمع النسفي في قبول هذه البينة عن أصحابنا روايتان، ولو قال: ليست لي بينة حاضرة، ثم أتى ببينة، يقبل في الروايات كلها، وفي روضة القضاة (٥): بينتي غائبة عن المصر (٦) لم يحلف عند أبي حنيفة رحمه الله -، وقال أبو يوسف: يحلف" (٧).

وفي الأجناس (٨): وكذا لو قال: لي بينتي حاضرة وأحلفه، فإن حلف جيت بالبينة لم يحلف في قول أبي حنيفة - رحمه الله - خلافاً لأبي يوسف، وإن قال: بينتي غيب فأحلفه،


(١) "يعني أن الحق متى ثبت بيقين لا يؤخر لحق يتوهم ثبوته؛ لأن التأخير إبطال من وجه، والثابت بيقين لا يجوز إبطاله بالشك". غمز عيون البصائر (٣/ ١٨٠)، موسوعة القواعد الفقهية (١١/ ١١٥٠).
(٢) سقط من (ب).
(٣) "لأنه" زيادة في (ب).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٥) روضة القضاة، وطريق النجاة، مجلد كبير، في فروع الحنفية، لفخر الدين الزيلعي. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ٩٣١).
روضة القضاة في آداب القضاء - لأبي القاسم علي ابن أحمد بن محمد السمناني الحنفي المتوفى سنة ٤٩٩ تسع وتسعين وأربعمائة. إيضاح المكنون (٣/ ٥٩٦).
(٦) ومصر: بلد معروف، وكل بلد عظيم فهو مصر. جمهرة اللغة (٢/ ٧٤٤).
(٧) انظر: شرح فتح القدير (٦/ ٣٥٠).
(٨) "الأجناس" في (ب)، وفي (أ) "الأخراس"، والصحيح ما أثبته من (ب)، وهو من مصنفات أحمد بن محمد بن عمر أبي العباس الناطفي، أحد الفقهاء الكبار، وأحد أصحاب الواقعات والنوازل، ومن تصنيفه: الأجناس والفروق فى مجلد. مات بالري سنة ست وأربعين وأربع مائة رحمه الله تعالى. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ١١٣).