للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِنْ اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيْمِ) (١)، أَيْ: اسْتَقْرَضَ لِأَجْلِهِ.

[نقض الابن أو اليتيم لعقد الرهن بعد كِبَرِهما]

(فَرَهَنَ بِهِ مَتَاعًا لِلْيَتِيْمِ: جَازَ) (٢)؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ هَذَا الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْيَتِيْمِ، فَإِنَّهُ اسْتَدَانَهُ لِحَاجَتِهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ أَيْضًا (٣).

(وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ، فَأَدْرَكَ الْابْنُ وَمَاتَ الْأَبُ: لَيْسَ لِلِابْنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ) (٤)، أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ عَقْدَ الرَّهْنِ الَّذِيْ عَقَدَهُ الْأَبُ، وَأَطْلَقَ لَفْظَ رَهْنِ الْأَبِ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ وَلَم يَذْكُرْ أَنَّهُ رَهَنَ لِدَيْنِ [الصَّغِيْرِ] (٥) أَوْ لِدَيْنِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِيْ ذَكَرَهُ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُوْنَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّغِيْرِ أَوْ دَيْنَ الْأَبِ (٦).

وَقَوْلُهُ: (وَمَاتَ الْأَبُ)، قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا تَأْثِيْرَ لِمَوْتِهِ فِيْ هَذَا الْحُكْمِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِيْ "شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ" وَ"مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" وَ"أَحْكَامِ الصِّغَارِ" (٧) هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكَرِ مَوْتَ الْأَبِ (٨)، وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الْأَبِ اتِّفَاقِيٌّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ عَدَمُ وِلَايَةِ اسْتِرْدَادِ الصَّغِيْرِ الرَّهْنَ إِذَا بَلَغَ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُوْنَ الرَّاهِنُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا لِلْصَّغِيْرِ، وَالدَّلِيْلُ عَلَى مَا قُلْتُهُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِيْ "مَبْسُوْطِهِ"، فَقَالَ: وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مِالًا لِوَلَدِهِ وَهُوَ صَغِيْرٌ، فَأَدْرَكَ، فَأَرَادَ رَدَّ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ رَهَنَ مَالَ الصَّغِيْرِ إِمَّا بِدَيْنِهِ أَوْ بِدَيْنِ الصَّغِيْرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيْرُ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَهُ الْأَبُ وَأَنَّهُ أَعَمُّ وِلَايَةً {مِنْهُ} (٩) أَوْلَى (١٠)، إِلَّا أَنَّ الْابْنَ إِذَا قَضَى دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ: إِنْ كَانَ الْأَبُ رَهَنَهُ بِدَيْنِ نَفْسِهِ رَجَعَ الْابْنُ بِمَا قَضَى عَلَى الْأَبِ، وَلَا يَصِيْرُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ لِلْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْابْنِ بِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ بَالِغًا، وَلَوْ كَانَ الْابْنُ بَالِغًا فَأَذِنَ لِأَبِيْهِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ فِيْ دَيْنِهِ، {ثُمَّ} (١١) قَضَى دَيْنَ الْأَبِ [لِيْفَتَكَّ] (١٢) الرَّهْنَ لَا يَصِيْرُ مُتَطَوِّعًا، عَلَى مَا [بَيَّنَّا] (١٣) أَنَّ [الْمُعِيْرَ] (١٤) لِلْرَهْنِ مَتَى قَضَى دَيْنَ الْمُسْتَعِيْرِ لَا يَصِيْرُ مُتَطَوِّعًا، فَكَذَلِكَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ رَهَنَ فِيْ دَيْنِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِمَا قَضَى عَلَى/ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ نَفْسِهِ، وَمَنْ قَضَى دَيْنَ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ {بِمَا قَضَى} (١٥) عَلَى أَحَدٍ (١٦).


(١) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٢).
(٢) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٩٩)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (٦/ ٢١٣)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٩٦ - ٥٩٧).
(٤) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٢).
(٥) في (أ): (الصَّغِيْرِ لَه).
(٦) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٦/ ٧٣)، الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٨٣)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٥١٢).
(٧) أَحْكَام الصِّغَارِ: هو كتاب "جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ" في فروع الفقه الحنفي المختصة بالصغار، لأبي الفتح، محمد ابن محمود الأُسْرُوْشَنِي، الحنفي، مجد الدين، الْمُتَوَفَّى سنة ٦٣٢ هـ، وهو مطبوع في أربعة أجزاء، بتحقيق عبدالحميد ابن عبدالخالق البيزلي، طبعته مطبعة المعارف ببغداد سنة ١٩٨٣ م. وَيُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ١)، الأعلام للزركلي (٧/ ٨٦).
(٨) يُنْظَر: جامع أحكام الصغار (٣/ ١٢٥)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٦١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٥١١ - ٥١٢).
(٩) سقطت من (ب).
(١٠) يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (٤/ ١١٨٣).
(١١) سقطت من (أ).
(١٢) في (ب): (لِيَسْتَفِكَّ).
(١٣) في (أ): (يتناول).
(١٤) في (أ): (الْمُعْتَبَر).
(١٥) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٢).
(١٦) لم أجده.