للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي "نَوَادِرِ الْمَعْلَى" عَنْ أَبِي يُوسُفَ -رحمهما الله-: (إِذَا انْتَضَحَ مِنَ الْبَوْلِ شَيْءٌ يُرَى أَثَرُهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ حَتَّى صَلَّى؛ وَهُوَ بِحَالٍ لَوْ جُمِعَ كَانَ أَكْثَرَ (١) مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَعَادَ الصَّلَاةَ) (٢)، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَقَّالِيُّ (٣) كَذَا فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ" (٤) لِلْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ -رحمه الله-.

[زوالُ عينِ النَّجاسةِ شرطٌ للطهارةِ إلا ما كانَ في إزالتهِ مشقة]

قَوْلُهُ: (وَطَهَارَتُهُ (٥) زَوَالُ عَيْنِهِ) (٦) إِلَى قَوْلِهِ: (إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ أَثَرِهِ مَا يَشُقُّ إِزَالَتُهُ) (٧).

أَيْ: فَحِينَئِذٍ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَإِنْ بَقِيَ الْأَثَرُ، ثَمَّ الَّذِي وَقَعَ عَنْهُ (٨) الاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ مَذْكُورٍ لَفْظًا؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَثَرِ مِنَ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ، فَكَانَ تَقْدِيرُهُ وَطَهَارَتُهُ (٩) زَوَالَ عَيْنِهِ، وأثَرَه، إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ أَثَرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِدْرَاجِ؛ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْزَاذَه (١٠) -رحمه الله- فِي بَابِ الْبِئْرِ مِنَ " الْمَبْسُوطِ" فَقَالَ: (إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَرْئِيَّةً، كَالْغَائِطِ وَالدَّمِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ طَهَارَتَهَا بِزَوَالِ عَيْنِهَا، وأثرها إِلَّا أَنْ تَكُونَ (١١) نَجَاسَةً لَا يَزُولُ أَثَرُهَا بِالْمَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ) (١٢)، إِلَّا أَنَّهُ بَقِيَ هُنَا إِشْكَالٌ؛ وَهُوَ أَنَّ حَذْفَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْمُثْبَتِ لَا يَجُوزُ، لَا نَقُولُ: ضَرَبَنِي إِلَّا زَيْدٌ، لَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمُثْبَتِ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِقَامَةِ الْمَعْنَى.


(١) في (ب): (أكبر).
(٢) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ١٩٢).
(٣) البقالي: هو محمد بن أبي القاسم بن بابجوك، الأستاذ أبو الفضل الخوارزمي، البقالي، النحوي ويعرف أيضا بالأدمي، لحفظه في النحو " مقدمة الأدمي " تلميذ الزمخشري؛ وجلس بعده في حلقته، واشتهر اسمه وبعد صيته،
واقبل الطلبة على تصانيفه، من كتبه (منازل العرب ومياهها) و (الهداية) في المعاني والبيان، و (مفتاح التنزيل) وغيرها، توفى سنة ٥٦١ هـ. انظر: "تاريخ الإسلام للذهبي " (١٢/ ٢٦٨)، " الأعلام للزركلي (٦/ ٣٣٥).
(٤) ينظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (١/ ٣٧٣).
(٥) في (ب): (فطهارته). النسخة (ب) هي الصحيحة.: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٦) (عينها) كما ذكر صاحب الهداية.: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٧) يقول صاحب الهداية: (والنجاسة ضربان: مرئية وغير مرئية، فما كان منها مرئيا فطهارته زوال عينها، لأنَّ النجاسة حلت المحل باعتبار العين فتزول بزوالها، إلا أن يبقى من أثرها ما تشق إزالته). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٨).
(٨) في (ب): (منه).
(٩) في (ب): (فطهارته).
(١٠) خوَاهَرْزاذَة:، شيخ الحنفيّة، اسمه محمد بن الحسين بن محمد، أبو بكر البخاريّ القُدَيْديّ، الحنفيّ الفقيه، المتوفى: ٤٨٣ هـ، ابن أخت القاضي أبي ثابت محمد بن أحمد البخاري، ولهذا قيل له بالعجمي: خواهرزاذة، وتفسيره: ابن أخت عالم. تاريخ الإسلام للذهبي (١٠/ ٥٢٠)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٩/ ١٥)، الوافي بالوفيات للصفدي (١٣/ ٢٦٩).
(١١) في (ب): (يكون).
(١٢) وجدت لابن مازة كلام بنحوه. ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ١٩٥ - ١٩٦).