للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من وهبه الإمام أرضاً فوجده فيها]

(وهو الذي ملّكه الإمام يوم الفتح) (١) وإنمَّا سمُيَ ِهو المختط له أو صاحبُ الخط؛ لأنَّ الإمامَ يخط لكل واحدٍ من الغانمين ناحية، ويجعلُ تلك الناحيةَ له فَيُملَّكُ به، أي: بالخصوص، وإن كانت] على الظاهر للوصل (٢) أي: يدُ الخصوصِ فهذا المجموع لدفع شُبهٍة، أوردَّها شَيْخُ الإسْلَامِ في مَبْسُوطهِ (٣).

وهي قولهُ: فإن قيل يَدُ المختطِ لهُ ثابتةٌ من وجهِ، من حيثُ إنّ اليدَ على الظاهرِ به لا على الباطنِ تقديراً، أو باليد] الحكمية (٤) لا يثبتَ الملكُ كما في حقِّ الغانمين، فإنّ لهم يدًا ثابتةً تقديرًا على ما في الباطن (٥)، ومع هذا لم يَصْرِ مُلكًا لهم حتى قلنا: إنَّ أربعة أخماسهِ للواجدِ/ إنْ وجدَه في المفازةِ لا للغانمين كذا هنا، قلنا: يُد المختطِ لهُ يدٌ خاصةٌ، واليدُ الحُكمَيةُ إذا كانتْ بهذه المثابة تُفيد المُلكَ في المُباحِ، كما في المعدنِ ألا ترى أنّ تَصَرُّفَ الغازي بعد القِسمةِ نافذٌ، وقَبْلَ القِسمةِ غيٌر نافذٍ كما قلنا.

(ثُمَّ بالبيعِ) (٦)، أي: يبيعُ الأرضَ التي تحتها كنز لم يخرجْ عن مُلكِهِ بلفظِ التذكير، أي: لم يخرْج الكنزُ عن مُلْكه بدِلالة قوله:] لأنه بالتذكير (٧) ولم يقل: لأنها حتى يرجعَ إلى الدُّرةِ (٨) لأنه (مُوْدِعٌ فيها) (٩) أيْ لأنَّ الكنزَ مُودَعٌ] في الأرض (١٠) (١١).

وذَكر أبو اليُسر -رحمه الله- في "الجامع الصغير" في تعليل هذا، فقال: إنَّ صاحبَ الخِطةِ صار مالكًا هذا الكنزَ بتملُكِ الدارِ؛ لأنه بالتملُكِ استولى على هذهِ الدارِ ومَنْ استولى على شيءٍ يصيرُ مستوليًا على ما فيه كِما إذا استولى على جَوالقٍ (١٢) فيها حِنطةُ يصيرُ مستوليًا على الحنطةِ، فصار مستوليًا على ذلكِ الكنز فصار مُلْكًا؛ لأنه كان مُلك الكفارِ، ثُمَّ لمّا أزال الدارَ عن مُلكهِ بالبيع بعد ذلك لا يصيرُ مزيلًا للكنزِ؛ لأنه ليسَ من جمُلةَ الدارِ، والَتملُّكُ منه باستيلائه على الدارِ استولى على ذلك الكنز، ولكنّ ذلك مُلكُ المسلمِ، فلم يَمْلكهُ بالاستيلاء، فبقيَ على مُلْكِه فيكون له (١٣)، ثُمَّ ذَكر شيخُ الإسلام -رحمه الله- (١٤) في مسألة الدُرّةِ، فقال: في] ظاهر (١٥) الرواية لم يُفَصّلْ بين أن تكون الدُّرَّة مثقوبةً أو غيرَ مثقوبةً، وقِيل: إنْ كانت مثقوبةً لا تدخل في مُلك المشتري؛ لأنها بمنزلة الكنز، وإنْ كانتْ غيرَ مثقوبةٍ يدخل كَمَن اصطاد سمكةً، فوجد في بطنها عنبرًا (١٦) فهو للمشتري؛ لأنّهُ حشيشٌ يأْكُلُه السمك، فيكون تَبعًا له فيدخل، وفي الحيطانِ (١٧) لو كانتْ الدُّرةَ في الصَّدَفِ (١٨) فهي للمشتري؛] لأنَّ السمكَ يأكلُ الصَّدَفَ، وكل ما يأكُله فهو للمشتري (١٩). لو اشترى جملاً، فوجد في بطنه دِينارًا لم يكنْ له؛ لأنّهُ لا يأكُلُه عادةً، وإنْ لم يعرفْ المختط له، ولا ورثته، ذكر أبو اليسر يُوضَعُ في بيتِ المال (٢٠)، وذَكر الإمامُ السَّرَخْسِي (٢١) -رحمه الله- (يُصرف إلى أقصى مَالِك يعرف في الإسلام) (٢٢) كذا في "الجامع الصغير" للإمام التُّمُرْتَاشِي -رحمه الله- (٢٣).


(١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٥).
(٢) في (ب): (على الظاهر أن للوصل).
(٣) بحثت عنه في المَبْسُوط لشيخ الإسلام ولم أجده ووجدته في الجامع الصغير (ص ١٣٤).
(٤) في (أ) (الحكمي) وفي (ب) (الحكمية) ولعل ما أثبته هو الصواب.
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣٨٨).
(٦) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٧).
(٧) سقطت في (ب).
(٨) الدُّرْة واحدة الدرر وهي اللؤلوة العظيمة الكبيرة. يُنْظَر: المعجم الوسيط (١/ ٢٧٩)، المصباح المنير (١/ ١٩١).
(٩) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٧).
(١٠) في (ب): (مودع فيها).
(١١) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢٣٨).
(١٢) جوالق وحَوَالق وهو عند العامة شوال. يُنْظَر: المعجم الوسيط (١/ ١٤٩).
(١٣) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع (١/ ٥٠٣).
(١٤) يُنْظَر: الجامع الصغير للشيباني (ص ١٣٥).
(١٥) في (ب): (هذه الرواية).
(١٦) العنبر من الطيب وهو معروف، وسمي به الرجل، والعَنْبَر: الزعفران وقيل الوَرْس والعَنْبرُ: الترس وإنما سمي بذلك لأنه يتخذ من جلد سمكة بحرية يقال لها العَنْبَر.
يُنْظَر: لسان العرب (٤/ ٦٠٣)، المعجم الوسيط (٢/ ٦٣٠).
(١٧) الحيطان: قال سيبوية القياس في جمع حائط: حوطان والحائط هو البستان من النخل إذا كان عليه جدار. يُنْظَر: تاج العروس (١٩/ ٢٣١).
(١٨) الصَّدِف: محركة وهي غشاء الدر الواحدة. يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ١٠٦٨).
(١٩) سقطت في (ب).
(٢٠) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٢٢).
(٢١) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٦٧).
(٢٢) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٩).
(٢٣) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع (١/ ١٣٥).