للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[لا ضمان على صاحب الصبغ إذا هبت الريح بثوب غيره وألقته فيه]]

وذكر في «الإيضاح» (١) ولو وقع الثوب في صبغ آخر فانصبغ به، ولم يصبغه أحد فهو لرب الثوب، ولا شيء عليه من قيمة الصبغ في قول أبي حنيفة (٢) - رحمه الله-؛ وإن كان عُصْفُرًا (٣) أو زَعْفَرانًا (٤) فرب الثوب بالخيار إن شاء أعطاه ما زاد الصبغ فيه، (وإن شاء امتنع فيباع الثوب فيَضَرب) أي: يأخذ فيه صاحب الثوب بقيمته أبيض، ويضرب صاحب الصبغ بقيمة الصبغ في الثوب؛ لأنه لم يوجد من واحد منهما فعل هو سبب للضمان، فانتفى الضمان وبَقِيَا شريكين فيه (ليضمن الثوب)، فقوله: (ليضمن) على بناء المفعول من التضمين، وقوله (الثوبَ) بالنصب على أنه مفعول ثان، أي: يضمن صاحب الصبغ الثوب.

(أَبُو عِصْمَةَ) أي: الْمَرْوَزِيُّ (٥) - رحمه الله- (في أصل المسألة) أي: في قوله: (ومن غصب ثوبًا فصبغه أحمر) احترز بهذا القيد عن أن يتوهم أن هذا الحكم الذي ذكره أبو عِصمة متصل بما يليه (٦) من مسألة الانصباغ، وإن كان حكم مسألة الانصباغ أيضًا كذلك على ما ذكر في الكتاب (٧) بقوله: (وَيَتأتَّى هذا فيما (٨) إذا انصبغ الثوب بنفسه، وقد ظهر بما ذكرنا الوجه في السَّوِيق) أي: الجواب في التعليل في السويق كالجواب والتعليل في الصبغ والانصباغ؛ أما حكمه في الغصب فقد ذكرنا أن صاحب السويق بالخيار، إن شاء ضَمَّنَه مثل السويق، وإن شاء أخذهما وغرم ما زاد الثمن (٩).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦١)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٢٨).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٩١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦١).
(٣) الْعُصْفُرُ: نبات من الفصيلة المُرَكَّبة أنبوبيَّة الزّهر يُستخرجُ منه صِبْغُ أصفر تُصبغ به الثِّيابُ. انظر: الصحاح مادة (ع ص ف ر) (٢/ ٧٥٠)، معجم اللغة العربية المعاصرة (٢/ ١٥٠٩).
(٤) الزَّعْفَرَانُ: نبات بَصَليّ عطريّ مُعَمَّر، ونوع زراعيّ صبغيّ طبيّ مشهور زهره أحمر يميل إلى الصُّفرة أو أبيض، يستعمل لتطييب بعض أنواع الطعام أو الحلويات، أو لتلوينها باللون الأصفر، وَهُوَ مِنَ الطِّيب، وزَعْفَرْتُ الثوبَ: صَبَغْتُهُ. الصحاح مادة (ز ع ف ر) (٢/ ٦٧٠)، معجم اللغة العربية المعاصرة (٢/ ٩٨٤).
(٥) هو: سعد بن معاذ المروزي، روى عن أبي سليمان، وروى عنه أبو أحمد نبهان بن إسحاق بن مقداس وهو راوي كتابي (التحري والحجر عن أبي سليمان). توفي: ٣١٠ هـ. انظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٦) في (ع): (بملكه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٤).
(٧) الهداية (٤/ ٣٠٢).
(٨) في (أ): زيادة (يرجع) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الهداية (٤/ ٣٠٢).
(٩) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٣٥)، كنز الدقائق (ص: ٥٧٩)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٦٧).