للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَوْ صَلَّى المغرب؛ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْعَصْرِ، لَا يُجْزِيهِ (١) فِي سِعَةِ الوَقْتِ (٢) وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا لِلْعَصْرِ أَجْزَأَهُ، فَكَذَا هَذَا؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ العِشَاءِ، ثُمَّ إِنَّهُمَا يُوَافِقَانِ … أَبَا حَنِيفَةَ -رحمه الله- فِي وُجُوبِ القَضَاءِ، فَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً؛ لَمَا وَجَبَ القَضَاءُ (٣) كَمَا فِي سَائرِ السُّنَنِ عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ: وَيُسْتُحَبُّ الإِسْفَارُ بِالفَجْرِ

لَمَّا ذَكَرَ أَصْلَ الأَوْقَاتِ، اسْتَدْعَى هُوَ ذِكْرَ مَا هُوَ الكاملُ فِيهِ؛ حَتَّى لَوْ صَلَّى فِيهِ، كَانَ هُوَ (٤) مُؤَدِّيًا أَصْلَ الفَرِيضَةِ، وَمُسْتَجْلِبًا زِيَادَةَ الفَضِيلَةِ عَلَى وَجْهِ الكَمَالِ؛ وَهُوَ ذِكْرُ الأَوْقَاتِ المُسْتَحَبّةِ.

[[استحباب الإسفار بالفجر]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَيُسْتَحَبُّ الإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ)

يُقَالَ: أَسْفَرَ الصُّبْحُ أَيْ؛ أَضَاءَ، وَمِنْهُ أَسْفَرَ بِالصَّلَاةِ (٥) إِذَا صَلَّاهَا فِي الإِسْفَارِ، وَالبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، فَالأَفْضَلُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ الإِسْفَارُ بهَا، تُبْدَأُ بِالإِسْفَارِ (وَتُخْتَمُ بِالإِسْفارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، … وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ (٦) -رحمه الله-: تُبْدَأُ بِالتَّغْلِيسِ وَتُخْتَمُ بِالإِسْفَارِ) (٧)، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ وَهُوَ أَنْ يُطَوّلَ القِرَاءَةَ (٨)، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- (٩) المُسْتَحَبُّ هُوَ التَّغْلِيسُ (١٠) (١١).


(١) قاله محمد بن الحسن. ينظر: "المَبْسُوطِ" لمحمد بن الحسن (١/ ٢٨٣).
(٢) (الوقت): ساقطة من (ب).
(٣) (فلو كانت سنَّة لمَا وجب القضاء): ساقطة من (ب).
(٤) (هُوَ) ساقطة من (ب).
(٥) فِي (ب): (أسفرت الصَّلاة).
(٦) الطحاوي: أحمد بن محمد بن سلامة، أبو جعفر الطحاوي الأزدي، كَانَ إمامَا، جليل القدر فقيهاً حافظاً، وكَانَ يقرأ عَلَى المزني الشافعي -رحمه الله- وهُوَ خاله، وكَانَ يكثر النظر فِي كتب الحنفية، فقَالَ له المزني: والله لا يجيء منك شيء، فغضب وانتقل من عنده وتفقه فِي مذهب أَبِي حَنِيفَةَ وصار إمامَا. والطحاوي نسبة إِلَى طحية قرية بصعيد مصر. ولد سنة ثلاثين ومائتين وتوفِي سنة ٣٢١ هـ. انظر: "الجواهر المضية في طبقات الحنفية، للقرشي " (١/ ١٠٢) و"التعليقات السنية على الفوائد البهية، للكنوي " (ص ٢١) و"وفيات الأعيان لابن خلكان" (١/ ٢٣).
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) قَالَ الطحاوي: (إن كَانَ من عزمه تطويل القراءة فالأفضل أن يبدأ بالتغليس ويختم بالإسفار وإن لم يكن من عزمه تطويل القراءة فالإسفار أفضل من التغليس). ينظر: "المَبْسُوطِ" للسرخسي (١/ ١٤٥)، و"تحفة الفقهاء" للسمرقندي " (١/ ١٠٢)، و"بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ١٢٤).
(٩) ينظر: "الأم للشافعي " (٧/ ١٦٥).
(١٠) فِي (ب): (الغلس).
(١١) التَّغْلِيسُ: الْخُرُوج بِغَلَسٍ وَهُوَ ظُلْمَةُ آخِرُ اللَّيْلِ، يُقَالَ غَلَّسَ بِالصَّلَاةِ إِذَا صَلَّاهَا فِي الْغَلَسِ.
انظر " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص: ٣٤٢) "مختار الصحاح، للرازي" (ص: ٢٢٨).