للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتكلموا في الأقطارِ في إقبالِ النساءِ بعضِهم قالوا: على هذا الاختلافِ (١)، وبعضُهم قالوا: هو يشبهُ الحقنةَ، فيفسدُ الصَّوْم بلَا خلافٍ (٢)، وهو الأصحُ (٣)، كذا في مبسوط الإمام الْإِسْبِيجَابِي (٤)، وُيكرهُ لهُ ذلكَ، وقالَ بعضُهم (٥): إنْ كانَ الزوجُ سيئَ الخٌلقِ لا بأسَ للمرأةِ أنْ تذوقَ المرقةَ بلسانِها (٦)، كذا في فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (٧)، وذَكَر في التجنيسِ (٨) هذا الذي ذكرهُ مِن كرِاهةِ الذوقِ للصائمِ في الفرضِ (٩)، وأمّا في التطُّوعِ فلا بأسَ للصائمِ أنْ يذوقَ شيئًا بلسانهِ؛ لأنَّ الإفطارَ في صومِ التطوعِ يُباحُ بِعُذْرٍ بالاتفاقِ بغيرِ عُذْرٍ على روايةِ الحسنِ عن أبي حنيفةَ، وعلى ما ذُكِرَ في «المنتقى» عن أبي يوسفَ (١٠)، وهذاَ تعريضٌ على الإفطارِ، فأولى أنْ لا يكونَ مَكروهًا (١١)، هكذا ذكرهُ شمسُ الأئمةِ الحلواني (١٢).

[[مسألة مضغ العلك]]

ومضغُ العِلْكِ لا يُفْطُرِ (١٣) قالوا: (١٤) هذا إذا كانَ العِلُكُ أبيضُ مضغه غيره، فإنْ كانَ أسودَ أو أبيضَ ولم يمضغْهُ غيرُهُ فسدَ صومُهُ. أما الأسودُ، فلأَنهُ يذوبُ فَيَصِلُ منهُ إلى جوفهِ شيءٌ، وأمّا إذا كان أبيضَ ولم يمضغْهُ غيرهٌ (فلأنه) (١٥) يتفتَتُ (١٦) وإطلاقُ مُحَمَّد في الْكِتَابِ يدلُّ على أنَّ الكُلَّ واحِدٌ (١٧)، كذا في «الجامع الصغيرِ» لقاضي خان (١٨) إِلاَّ أنّهُ يُكرَهُ (١٩) هذا الاستثناءُ مِن قولهِ، ومضغُ العِلُكِ لا يُفطِرُ، ولأنهُ يُتَّهمُ بالإفطارِ مَنْ رآهُ يتهمُهُ بالأَكْل، وذَكَر في «المَبْسُوط» (٢٠)، و «الجامعِ الصغيرِ» (٢١) للإمامِ المحبوبي (٢٢): وإنّما يُكْرهُ؛ لأنّ مَضْغُ العِلْكِ يدبَغُ المَعِدَةِ، ويُشهِي الطعامَ، ولم يأذنِ لُه فهو اشتغالٌ بما لا يُفيدُ، ولِأَنَّ الناظِرَ إليهِ مِنْ بعيدٍ يظنُّ أنهُ يأكْلُ فيتهُمهُ، وقالَ عليٌّ -رضي الله عنه-: "إيّاكَ وما يسبِقُ إلى القلوبِ إنكارُهُ" (٢٣)، وإنْ كانَ عندَكَ اعتذارُهُ، وليسَ كُلَّ سامعٍ نُكرًا تطيقُ بوسعهِ عُذْرُ القيامةِ، أي: لِقيامِ العِلْكِ مَقَامَ السِّواكِ في حقهنَّ لضعفِ أسنانهنَّ. وعمومُ هذا إشارةٌ إلى أنّهُ لا يُكْرَهُ العِلْكُ لغيرِ الصائِم، ولكنْ يسُتحَبُّ للرجالِ تَرْكُهُ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ (٢٤)، كذا ذَكَرهُ فَخْرُ الْإِسْلَام (٢٥)، وقِيلَ: لا يُستحبُّ (٢٦)، وذُكِرَ قبَلهُ، ويُكْرَهُ (٢٧)، ولا يُقالُ: لا فرقَ بينُهما، قلنا: بلْ بينهما فَرْقٌ؛ لأنهُ يجوزُ أنْ يكونَ الشيءُ غيرَ مُستحَبٍ، وغيرَ مكروهٍ كالمُباحاتِ مِنَ المشي، والقيامِ، والقعودِ في الأمرِ المباحِ.


(١) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤١)، فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٤٤).
(٢) المصدران السابقان، وقال في الْمُحِيط الْبُرْهَاني: وهو الصحيح ا. هـ.
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٢٢).
(٤) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٣٠)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٠٠).
(٥) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٩)، مجمع الأنهر (١/ ٣٦٤).
(٦) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٤٥).
(٧) يُنْظَر: فَتَاوَى قَاضَي خَانْ (١/ ١٨٢).
(٨) يُنْظَر: التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيد (٢/ ٤١١).
(٩) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٩)، مجمع الأنهر (١/ ٣٦٣).
(١٠) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٠).
(١١) يُنْظَر: الجوهرة النيرة (١/ ١٤٢).
(١٢) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٩)، مجمع الأنهر (١/ ٣٦٣).
(١٣) يُنْظَر: النافع الكبير (١/ ١٤١)، الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ١٩٩)، الذخيرة (٢/ ٥٠٦)، المبدع شرح المقنع (٢/ ٤٤٣).
(١٤) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٩)، المَبْسُوط (٣/ ١٨١).
(١٥) في (ب) (فلا).
(١٦) (يتفتت) بالإثبات قال في المَبْسُوط (٣/ ١٨١): فأما إذا لم يكن ملتئما، فمضغه حتى صار ملتئما، يفسد صومه، لأنه تتفتت أجزاؤه، فيدخل حلقه مع ريقه ا. هـ.
(١٧) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٤٥)، والجوهرة النيرة (١/ ١٤٢).
(١٨) يُنْظَر: فَتَاوَى قَاضَي خَانْ (١/ ١٨٢).
(١٩) يُنْظَر: النافع الكبير (١/ ١٤١)، الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ١٩٩)، الذخيرة (٢/ ٥٠٦)، المبدع شرح المقنع (٢/ ٤٤٣).
(٢٠) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٨١).
(٢١) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع (١/ ١٤١).
(٢٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٨١).
(٢٣) يُنْظَر: مرقاة المفاتيح (٦/ ٣٣٥).
(٢٤) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٤٥).
(٢٥) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٩).
(٢٦) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (١/ ١١٥)، حاشية الطحطاوي (١/ ٤٤).
(٢٧) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٤٥).