للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الجامع الصغير» لقاضي خان (١): إذا خاض الماءُ فدخلَ الماءُ أذَنهُ لا يفسدُ صومُهُ، وإنْ صبَّ الماءَ في أذُنِهِ اختلفوا فيهِ، والصحيحُ: هو الفسادُ؛ لأنّهُ وصلَ إلى الجوفِ بفعلهِ، فلا يُعتبرُ فيهِ صلاحُ البدنِ كما لو أَدْخَلَ خشبةً في دًبرِه، وغيَّبها، يعني: لم يبقَ في خارجِ مِنْ طرفِها شيءٌ، وإنْ طِعُنَ بِرمحٍ لا يفُسد كما لو أدَخلَ خشبةً في دُبُرِهِ وطرفُها بيدهِ، وإنْ بقيَ الرمح في جوفِه. لم يُذكرْ في الكتابِ، واختلفوا فيهِ قالَ بعضُهم: يفسدُ كما لو أدخلَ خشبةً في دُبُرِهِ وغيّبَها، وهكذا ذَكَر القدوري (٢)، وقال بعضُهم: لا يفسدُ، وهو الصحيحُ (٣)؛ لأنهُ لم يوجْد منه الفصلُ، ولم يصلْ إليهِ ما فيهِ صلاحُهُ، ولو داوَى جائفة الجائفةِ الطعنةِ التي بلغتْ الجوفَ أو نفذتهُ (٤).

والآمَّةُ: منِ أممته بالعصاء، وأما منِ بابِ طلبِ إذا ضربْتَ أمَّ رأسهِ، وهي الجِلدةُ/ التي تجمعُ الدماغَ، وإنما قِيلَ: للشَّجَةِ أمَّه على معنىِ ذاتِ أمٍ كعيشةٍ راضيةٍ كذا في «المُغْرِب» (٥)، وذَكَر في «المَبْسُوط» (٦): الجائفةُ اسمُ لجِراحةِ وصلتْ إلى الجوفِ، والآمَّة اسمٌ لجراحةٍ وصلتْ إلى الدماغِ، والذي يصلُ هو الرطب، وإنما قيَّدَ بالرَّطْبِ؛ لأنّ في ظاهرِ الروايةِ (٧) فَرْقٌ بين الدواء الرَّطْبُ واليابسِ، وأكثرُ مشايخِنا على أنّ العبرةَ للوصولِ حتى إذا عَلِمَ أنّ الدواءَ اليابسَ وَصَلَ إلى جوفِه فسدَ صومُهُ، وإنْ َعَلِمَ أنّ الرَّطْبِ لم يصلْ إلى جوفهِ لا يفسدُ صومُهُ عِنُدهُ إِلاَّ أنهُ ذكَر اليابسَ، والرَّطْبَ بناءً على العادةِ، فاليابسُ إنّما يُستعملُ في الجراحةِ لاستمساكِ رأسِها بهِ فلا يتعدّى إلى الباطِن، والرطْبُ يصلُ إلى الباطنِ عادةً فلهذاَ فَرَّقَ بينهما.] أن (٨) المثانةَ (٩) بينهما حائِلُ، أيْ: بينَ الجوفِ وبينَ الإحليلِ، فقدْ وقعَ عنَد أبي يوسفَ أنَّ مِنَ المثانةِ إلى الجوفِ مَنفذًا حتى يخرجَ البولُ منهُ، ووقعَ عنَدَ أبي حنيفةَ، ومُحَمَّد رحمهما اللهُ (١٠) أنهُ ليسَ منَ المثانةِ إلى الجوفِ مَنفذًا حتى يَقْدِرَ المرءُ على استمساكِ البولِ، والأمر على ما قالا (١١)، فإنّ أَهلَ الطِّبِ يقَولونَ: البولُ يخرجُ رَشَحًا، وما يخرجُ رشَحًا [لا يعودُ رشحًا] كالجَّرةِ إذا سُدَّ رأْسُها، والقيءُ في الحوضِ يخرجُ منها الماءُ، ولا يدخلُ فيها، وبعضُهم يقولُ: هناكَ منفذٌ على صورةِ حرفِ الحاءِ، فيخرجُ منهُ البولُ، ولا يتصوُر أنْ يعوَد فيه شيءٌ مما يصبُّ في الإحليلِ هذا إذا وصلَ إلى المثانةِ، فأمّا إذا لم يصلْ، ولكنْ بعَد في قضيةِ الذكرِ لا يفسدُ صومُهُ بالإجماعِ، هكذا حكى عن أبي بكرٍ البلخي (١٢)، كذا في المباسيط الثلاثةِ.


(١) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٤٢)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٠٠).
(٢) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٠٠)، الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤١).
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ١٧٧)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٣٠٠).
(٤) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٩٧).
(٥) يُنْظَر: (١/ ٤٥).
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١١٢).
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط (٣/ ١٢٣).
(٨) في (ب) (إلاّ أن).
(٩) المَثَانَةُ: مستقر البول من الإنسان، والحيوان، وموضعها من الرجل فوق المعى المستقيم، ومن المرأة فوق الرحم، والرحم فوق المعى المستقيم. يُنْظَر: المصباح المنير (٢/ ٥٦٤).
(١٠) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٢٢).
(١١) هما أبي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد. يُنْظَر: المذهب الحنفي (٢/ ٣٢٤).
(١٢) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٠).