للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الترتيب في قضاء الفوائت]]

وبعين هذا نقول، وفيه تنصيص/ على أن الترتيب شرط بين الفائتة والوقتية مع أن المعنى يقتضيه، وهو أن القضاء يجب بالسبب الذي وجب به الأداء، فكان في صفة الترتيب على وفق الأداء أيضًا، وفي حديث آخر: «من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها» (١)، فإن ذلك وقتها، فقد جعل رسول الله عليه السلام وقت التذكر وقت للفائتة فمن ضرورة أن لا يكون وقتًا لغيره؛ لأن في الوقت الواحد لا يسع وقتيين (٢)، وأداء الصلاة قبل وقتها لا يجوز، وشرائط الصلاة لا تسقط بعذر النسيان وضيق الوقت (٣).

قلنا: أما حالة النسيان، فإنها ليست بوقت للفائتة؛ لأن وقت الفائتة وقت التذكر وهو ناسٍ فلا يكون/ وقتًا لها فكان وقتا لفرض الموقت، وأما حال ضيق الوقت؛ فإن كون قضاء الفائتة شرط جواز أداء الوقتية إنما ثبت بخبر الواحد حال سعة الوقت للمعنى الدال عليه (٤)، وهو: أنه لو اشتغل بالفائتة خرج الوقت قبل أداء فرض الوقت، فلم يبق عليه مراعاة (٥) الترتيب؛ لأنه ليس من الحكمة تدارك الفائتة بتفويت مثلها، فلم يبق شرطًا عند ضيق الوقت لهذا، ولأن تعين الوقت للوقتية عند ضيق الوقت ثابت بالكتاب؛ لقوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (٦)، أو بالخبر المتواتر، وتعينه للفائتة بسبب التذكر عنده ثابت بخبر الواحد فلا ينسخ، وأثبت (٧) بخبر الواحد الحكم الثابت بالكتاب، والخبر المتواتر، فلو قلنا: ببقاء شرطيته عند ضيق الوقت أيضًا يلزم هذا، واللازم منتف فينتفي الملزوم هذا معنى ما ذكر في «المبسوط» (٨)، و «المحيط» (٩).

وذكر شمس الأئمة السرخسي في «الجامع الصغير» في تعليل وجوب الترتيب، فقال: إن مراعاة الترتيب بين الصلوات ثابتة وقتًا فظاهر، وأما فعل فلأن (١٠) الظهر، والعصر بعرفات اجتمعا في حق الحاج في وقت واحد، ثم لو بدأ بالعصر قبل الظهر لم يجزه، فكذلك هاهنا لما أنه لو فاته مراعاة الترتيب وقتًا يلزمه مراعاة الترتيب فعلًا؛ لأن وقت التذكر وقت الفائتة (١١).


(١) سبق تخريجه.
(٢) - في ب فرضيين بدل من وقتيين.
(٣) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٣.
(٤) انظر: تحفة الفقهاء: ١/ ٢٣١.
(٥) - في ب من اعادة بدل من مراعاة
(٦) سورة الأسراء الآية (٧٨).
(٧) - في ب ما اثبت بدل من اثبت
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢٨١.
(٩) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٣.
(١٠) - في ب فإن بدل من فلأن
(١١) انظر: بدائع الصنائع: ١/ ١٣١.