للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا إذا باع ذراعاً من هذا الكرباس ولم يعين موضعه يجوز، كما في الحنطة إذا باع قفيزاً منها" كذا في الذخيرة (١). "الكرباس -بكسر الكاف- فارسي معرب، والجمع الكرابيس" (٢).

(حيث لا يضره الفصل)

بالصاد المهملة، أي: القطع والتميز، كما لا يضر/ الصبرة تميز القفيز منها، والله أعلم.

فصل: [في بيع العقار] (٣)

لما ذكر ما ينعقد به البيع، وما لا ينعقد، وما يلحقهما، ذكر في هذا الفصل ما يدخل في البيع باسم الجملة، وما لا يدخل، وما يلحقهما.

[[الخلاف هل العرصة تدخل في بيع الدار]]

(لأن اسم الدار يتناول العرصة (٤) والبناء جميعاً في العرف)

فإن قيل: يشكل على هذا مسألة اليمين؛ فإن هناك لم يجعل اسم الدار متناولاً للبناء حتى لو حلف: لا يدخل هذه الدار، فدخلها بعدما انهدمت، يحنث، فلو كان اسم الدار متناولاً للعرص والبناء لما حنث بعد ارتفاع البناء؛ لأن الكل ينتفي بانتفاء الجزء (٥)، مع أن الأيمان مبنية على العرف، فكان اعتبار العرف هناك أليق من الاعتبار هنا.

قلنا: قد ذكرنا جوابه هناك، وهو أن البناء وصف للدار، فيقال: دار معمورة، ودار غير معمورة، والوصف إذا كان داعياً إلى اليمين يتقيد بذلك الوصف، كما إذا حلف: لا يأكل هذا البسر (٦)، فأكله بعدما صار رطباً، لا يحنث (٧)، وإذا لم يكن داعياً لا يتقيد به "كما إذا حلف لا يأكل لحم هذا الحمل، فأكل لحمه بعدما صار كبشاً، يحنث" (٨)، والبناء كذلك، ليس بداع إلى اليمين، بل هو داع إلى الدخول، فلم يتقيد الدار إذا كانت حاضرة


(١) المحيط البرهاني (٦/ ٣٧٥).
(٢) مختار الصحاح (ص: ٢٦٨).
(٣) كتاب الهداية (٣/ ٦).
(٤) العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع العراص والعرصات. الصحاح (٣/ ١٠٤٤).
(٥) وهذ لفظ ورود القاعدة [الحقيقة المنفية] والمراد بالحقيقة في هذه القاعدة: جملة الشيء وكماله.
فكمال الشيء ينتفي بانتفاء جزئه؛ لأن انتفاء الجزء دليل على عدم كمال الحقيقة. والحقيقة ما لم تكن كاملة فهي منفية - أي معدومة - أي: لا وجود لها، سواء كانت هذه الحقيقة شرعية أو كلامية، والمراد بأجزاء الحقيقة التي يترتب على نفيها نفي الحقيقة هي أركانها التي بها قوامها.
كشف الأسرار (٣/ ٢٦١)، فتح القدير (٩/ ٣٢٥)، موسوعة القواعد الفقهية (٣/ ١٥٥).
(٦) البَسْرُ: الاستعجال بالشيء قبل أوانه، نحو: بسَرَ الرجل الحاجة: طلبها في غير أوانها، ومنه قيل لما لم يدرك من التمر: بُسْر، وقوله عزّ وجل: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [سورة المدثر: ٢٢]، قال أبو العباس "البسر من ثمر النخل معروف، وبه سمي الرجل الواحدة بسرة، وبها سميت المرأة، ومنه: بسرة بنت صفوان: صحابية. قال ابن فارس البسر من كل شيء الغض ونبات بسر أي: طري". المفردات في غريب القرآن (ص: ١٢٢)، المصباح المنير (١/ ٤٨).
(٧) الأصل (٣/ ٢٩٨)، الهداية (٢/ ٩٤٦)، الاختيار (٤/ ٦٨).
(٨) كشف الأسرار (٢/ ٨٨).