للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوصف البناء، كذلك فيحنث بالدخول بعد الانهدام (١).

واعلم أن هناك ثلاث مسائل:

• مسألة بيع الدار.

• ومسألة بيع المنْزل.

• ومسألة بيع البيت.

فتجئ هذه المسائل بباب على حدة، إن شاء الله تعالى.

(لأنه متصل به للفصل)

أي: لأن الزرع متصل بالأرض على تأويل المكان للفصل ولذلك

(لا يدخل الزرع في بيع الأرض)

فإن قيل: يشكل على هذا بيع جارية (٢) لها حمل في بطنها، أو بقرة أو شاة لهما ولد في بطنهما، يدخل في البيع، وإن كان اتصاله بالأم للفصل لا محالة، وبين الولد في البطن وبين الزرع في الأرض (٣) مناسبة قوية (٤)؛ لقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} (٥) فكيف دخل هناك الولد ولم يدخل الزرع ههنا، مع وجود المعنى (٦) الجامع بينهما، وهو الاتصال للفصل، ووجود المناسبة بين الزرع والولد؟.

قلنا: لما لم يقدر غير الله تعالى على فصل الولد من أمه ووجود المناسبة (٧) بينه وبين أمه نزل ذلك منْزلة الجرء من أمه، فلم يعتبر انفصاله في ثاني الحال؛ لوجود معنى الجزئية في الحال من كل وجه، ولعدم إمكان البائع من فصله.

وأما الزرع والشجر فليسا من جنس الأرض، وهو ظاهر فلم يمكن اعتبار معنى الجزئية حتى يصلح تبعاً لها، فبعد ذلك ينظر: إن كان اتصاله للقرار، كما في الشجر كان متصلاً في الحال، وفي ثاني الحال فيدخل بطريق التبعية، لا بطريق الجنسية (٨)، وإن كان اتصاله للفصل في ثاني الحال، كما في الزرع، يجعل منفصلاً (٩) في الحال (١٠) كالسلالم المنفصلة (١١).


(١) ينظر: قاعدة فيما إذا اجتمعت الإشارة والعبارة. الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٩٧).
(٢) "و" زيادة في (ب).
(٣) سقط من (ب).
(٤) سقط من (ب).
(٥) [البقرة: ٢٢٣].
(٦) سقط من (ب).
(٧) "المجانسة" في (ب).
(٨) قال الكاساني: " العلم بالمبيع لا يحصل إلا بالإشارة إليه؛ لأن التعين لا يحصل إلا بها، إلا إذا كان ديناً كالمسلّم فيه، فيحصل العلم به بالتسمية، والعلم بالثمن لا يحصل إلا بالتسمية، والإشارة إليه عندنا مجاز عن تسمية جنس المشار إليه، ونوعه، وصفته، وقدره، على ما يعرف في موضعه -إن شاء الله تعالى-، غير أن المبيع إن كان أصلاً لابد من الإشارة إليه بطريق الأصالة ليصير معلوماً، وإن كان تبعاً يصير معلوماً بالإشارة إلى الأصل؛ لأن البيع كما لا يفرد بعلة على حدة، لا يفرد بشرط على حدة؛ إذ لو أفرد لانقلب أصلاً، وهذا قلب الحقيقة، وبيان ذلك في مسائل: إذا باع جارية حاملاً من غير مولاها، أو بهيمة حاملاً؛ دخل الحمل في البيع تبعاً للأم كسائر أطرافها، وإن لم يسمه، ولا أشار إليه، ولو باع عقاراً دخل ما فيها من البناء والشجر بنفس البيع، ولا يدخل الزرع والثمر إلا بقرينة، وجملة الكلام في بيع العقار أن المبيع لا يخلو من أن يكون أرضاً أو كرماً أو داراً أو منْزلاً أو بيتاً، وكل ذلك لا يخلو: إما إن لم يذكر في بيعه الحقوق، ولا المرافق، ولا ذكر كل قليل وكثير منها، وإما إن ذكر شيئاً من ذلك، فإن كان المبيع أرضاً ولم يذكر شيئاً من القرائن؛ دخل ما فيها من الأبنية والأشجار، ولم يدخل الزرع والثمار عند عامة العلماء، وقال مالك -رحمه الله-: ثمار سائر الأشجار كذلك، وكذلك ثمر النخل إذا أبر، فأما إذا لم يؤبر؛ يدخل". بدائع الصنائع (٥/ ١٦٤)، الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٦)، شرح فتح القدير (٦/ ٢٦١).
(٩) "متصلا" في (ب).
(١٠) "فلا يدخل" زيادة في (ب).
(١١) "المتصلة"في (ب).