للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[انهدام الدار المستأجرة]]

فيما إذا خربت الدار لو بناها الآجر ليس للمستأجر أن يمتنع عن استدامة [عقد] (١) الإجارة وذكر في الذخيرة (٢). هذا فصل اختلف أصحابنا فيه بعضهم، قالوا: ينفسخ العقد بانهدام (٣) الدار، وانقطاع الماء عن الرحى، وانقطاع الشرب عن الأرض إذا لم يمكنه أن يزرع، واستدل هذا القائل بما ذكر في كتاب البيوع، ولو سقطت الدار كلها فله أن يخرج سواء كان صاحب الدار شاهدا، أو غائبا فهذا إشارة إلى أن عقد الإجارة ينفسخ بانهدام الدار؛ لأنه لو لم ينفسخ العقد [لشرط] (٤) حضرة صاحب الدار (٥).

ومنهم من قال: لا ينفسخ العقد بانهدام الدار، و به كان يفتي شمس الأئمة (٦)، وشيخ الإسلام ولكن يثبت للمستأجر حق الفسخ بغيبة الآجر، واستدل هذا القائل بما روى هشام (٧) عن محمد رحمهما الله فيمن استأجر فانهدم، ثم بناه الآجر، فليس للمستأجر أن يمتنع ولا للآجر، وفيه إشارة إلى أن العقد لا ينفسخ بانهدام الدار؛ وهذا لأن المنفعة غير فائتة من كل وجه، فإن الانتفاع بالعرصة (٨) يمكن من وجه، بأن تضرب قيمته منها، [و] (٩)


(١) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٩٩).
(٣) أصل الهدم ما انهدم. يقال: هدمت هدما، والمهدوم هدم، وسمي منزل الرجل هدما لانهدامه مصدر هدم البناء (والهدم) بالتحريك ما انهدم من جانب الحائط والبئر.
انظر: لسان العرب (١٢/ ٦٠٤)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٥٠٢).
(٤) في (ب) بشرط.
(٥) لأنه رد بعيب وهو لا يصح إلا بحضرة المالك بالإجماع، واستدل على ذلك بقوله: لأن المعقود عليه قد فات وهي المنافع المخصوصة قبل القبض فشابه فوات المبيع قبل القبض وموت العبد المستأجر.
انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ١٤٤).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٣٦).
(٧) هشام بن عبيد الله الرازي: فقيه حنفي، من أهل الري. أخذ عن أبي يوسف ومحمد، صاحبي الإمام أبي حنيفة. قال لقيت الفا وسبع مائة شيخ وأنفقت في العلم سبع مائة ألف درهم وقال أبو حاتم صدوق ما رأيت أعظم قدرا منه بالري ومن أبي مسهر بدمشق.
انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٠٦)، الأعلام للزركشي (٨/ ٨٧).
(٨) العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع العراص والعرصات.
انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٣/ ١٠٤٤)، القاموس المحيط (ص: ٦٢٣).
(٩) في (أ) أو و في (ب) و والاولى ما ذكر في (ب).