للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنَّ الإنسان لا يتألَّم بحلقه وإذا لم يكن الشعر نظير الجراحة لم يكن النص الوارد في الجراحة وارداً في الشعر فلو أوجبنا القصاص فيه أوجبناه قياساً ولا وجه إليه كذا في «الذَّخيرة» (١).

[[تعريف الأهداب]]

(يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ (٢) الأَهْدَابُ مَجَازاً (٣) (٤) أي: شعور أشفار العين يعني [ … ] (٥).

وهذا الذي ذكره في الكتاب مع البسط مأخوذ من مبسوط شيخ الإسلام، وقال فيه: وجعل محمَّد -رحمه الله- الأشفار اسماً للشعور [التي تنبت] (٦) على شعور (٧) العين وأطرافها، ألا ترى أنَّه قال: أنَّ في أشفار العين الدية الكاملة إذا لم تنبت (٨).

والشعر: هو الذي ينبت على حروف العين وأطرافها. وقد خَطَّأَه أهل اللَّغة في هذا وقالوا: الأشفار منابت الشعر، وهي حروف العينين وأطرافهما، والشعور التي عليها تُسمَّى الهدب. قالوا: وكأنَّه أخذ من شفير الوادي وهو جانبه وحَدَّه فَسُمِّيت منابت الشعور أشفاراً؛ لأنَّها حدود الأجفان وإليه ذهب القتبي (٩) في كتابه (١٠).

ولكن مشائخنا قالوا: بأنَّ الأمر كما قالوا: أنَّ الأشفار اسم لمنابت الشعر واسم الشعور: الهُدَبُ، إلا أنَّه كنَّى بالأشفار عن الهُدَبِ لإتصال ومجاورة بينهما كما سمُّوا القِربَة رَاوية وهو (١١) البعير الذي يستقى عليه الماء لاتصال بين القربة والبعير [سواء] (١٢)، وكما قيل للمطر سماء (١٣).


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٦٩).
(٢) أي: مراد الامام القدوري من الأشفار. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٨٢).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨١).
(٤) قال البابرتي: قالَ الْمصَنِّفُ: يَحْتَملُ أنَّ مرَادَهُ الأَهْدَابُ مجَازًا، ولَعَلَّهُ قالَ ذَلكَ دَفعًا لتَخْطِئَةِ منْ خطَّأَ محَمَّدًا في إطلَاقِ الأَشْفَارِ علَى الأَهْدَابِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٧١).
(٥) غير واضحة في (أ) و (ب).
(٦) سقط في (ب).
(٧) وفي (ب) (حروف)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٤٤٢).
(٩) هو: أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل المروزي، النحوي اللغوي، كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه.
ومن تصانيفه: "غريب القرآن الكريم" و"غريب الحديث" و"عيون الأخبار" و"مشكل القرآن" و"مشكل الحديث" و"طبقات الشعراء"، (ت ٢٧٦ هـ). يُنْظَر: البلغة (١٢٧)، وفيات الأعيان (٣/ ٤٢).
(١٠) يُنْظَر: عيون الأخبار (٢/ ٦٨).
(١١) وفي (ب) (وهي).
(١٢) زيادة في (ب).
(١٣) يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٤٤٧)، طلبة الطلبة (٣٢٩).