للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وقال بعض أئمة بلخ (١) بمس الحائط والأشجار فإذا قال: قد رضيت سقط خياره، ولأن الأعمى إذا كان ذكيًّا يقف على مقصوده في ذلك بالمس، وحكي أن أعمى اشترى أرضاً فقال: قودوني إليها، فجعل يمس الأرض حتى انتهى إلى موضع منها فقال: أموضع كدس (٢) هذا؟، فقالوا: لا، فقال: هذه الأرض لا تصلح؛ لأنها لا تكسو نفسها فكيف تكسوني، فكان كما كان. فإذا كان الأعمى بهذه الصفة فرضي بها بعدما مسها سقط خياره" وكذا في المبسوط (٣).

(كتحريك الشفتين وإجراء الموسى) (٤)

[[رؤية أحد الثوبين وحكم الرد فيهما]]

ذكر في الفوائد الظهيرية (٥) باللزوم فيهما، وقال: لأن المصير إلى التشبه عند إعواز الحقيقة واجب، كالمحرم إذا أراد التحلل وقد قرع رأسه، يلزمه إجراء الموسى عليه تشبيهاً بالمحلقين. وكذلك الأخرس يلزمه تحريك الشفتين عند القراءة، وذكر في الذخيرة بعدما ذكر هذه الأقوال، وفي الحقيقة لا اختلاف بين الروايات، والمنظور في الروايات كلها أقصى ما يتصور، ثم قال: ولو وصف له فقال: رضيت، ثم أبصر، فلا خيار (٦)؛ " (لأن العقد قد تم حين وصف له، وسقط الخيار ولا يعود بعد ذلك.


(١) بلخ لها كور ومدائن، فتحها عبد الرحمن بن سمرة في أيام معاوية بن أبي سفيان، ومدينة بلخ مدينة خراسان العظمى، وفيها كان الملك طرخان ملك خراسان ينْزل بها، وهي عظيمة القدر، عليها سوران، سور خلف سور، وقد كان عليها في متقدم الأيام ثلاثة ولها اثنا عشر باباً. ويقال: إن مدينة بلخ وسط خراسن، فمنها إلى فرغانة ثلاثون مرحلة مشرقاً، ومنها إلى الرّيّ ثلاثون مرحلة مغرباً. ومنها إلى سجستان ثلاثون مرحلة مما يلي القبلة، ومنها إلى كابل وقندهار ثلاثون مرحلة. ومنها إلى كرمان ثلاثون مرحلة، ومنها إلى قشمير ثلاثون مرحلة، ومنها إلى خوارزم ثلاثون مرحلة. البلدان لليعقوبي (ص: ١١٦)، معجم البلدان (١/ ٤٧٩)، الروض المعطار (ص: ٩٦).
(٢) الكُدْس -بالضم-: واحد أكداس الطعام، وهو المتراكب الكثير، لا يزايل بعضه بعضاً، وهو الحبُّ المحصود الَمجموع، الكدس -بالفتح-: إسراع المثقل في السير. وقد كدست الخيل. وتكدس الفرس، إذا مشى كأنه مثقل. تاج العروس (١٦/ ٤٣٢)، القاموس المحيط (١/ ٥٩٢).
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٧٨).
(٤) قال في الهداية: "لأن التشبه يقام مقام الحقيقة في موضع العجز، كتحريك الشفتين يقام مقام القراءة في حق الأخرس في الصلاة، وإجراء الموسى مقام الحلق في حق من لا شعر له في الحج" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٠).
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٧٧)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٩).
(٦) "له" زيادة في (ب).