للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شارك المُعَلَّمَ غيرُ معَلَّم، أو كلبُ مجوسيٍّ، أو كلبٌ لم يُذْكَر اسم الله عليه عمداً]

(ولو ردّه عليه الكلب الثّاني) (١) أي: ولو ردّ الكلب الثاني الصّيد على الكلب الأوّل، يعني: إذا كان الصّيد يفرّ من الكلب الأوّل فاستقبله كلب آخر غير معلم فردّه حتّى أخذه الكلب الأوّل يكره أكله (٢).

وحاصله أن ههنا فصولًا ثلاثة:

في الأوّل: الحرمة، وهو فيما إذا شارك الكلب المعلّم كلب غير معلّم في الأخذ والجرح (٣).

وفي الثّاني: الكراهة، وهو فيما إذا عاونه غير المعلّم [في أخذ] (٤) الصّيد، ولم يشاركه في الأخذ والجرح، بل ردّ الصّيد حتّى أخذه الأوّل، فلمّا تفرد الأوّل في الأخذ والجرح غلب جانب الحل، فأوجب إعانة غير المعلّم الكراهة دون الحرمة؛ لعدم المشاركة في الأخذ والجرح (٥).

وفي الثّالث: الإباحة، وهو فيما إذا [زاد] (٦) اشتداد الأوّل بسبب غير المعلّم، ولم يوجب الحرمة ولا الكراهة؛ لعدم مشاركته وإعانته في الصّيد، بل كان أثر فعله في الكلب لا في الصّيد، ولم يوجب الكراهة في الصّيد لذلك (٧).

وهذا لأنّ في الفصل الأوّل: استوت الحرمة والإباحة؛ لأنّ الشركة وجدت في الأخذ والجرح جميعًا فوجبت الحرمة، كما لو وقع الْمرمِيُّ في الماء، وفي الفصل الثّاني: يرجح ما يوجب الحلّ على ما يوجب الحرمة؛ لأن الكلب الثاني الذي هو غير معلّم عاون الأوّل في الأخذ لا في الجرح، بل الأول تفرد بجرحه، وهو ممّا يمكن الاحتراز عنه، كما إذا توارى الصّيد عنه وقد اشتغل بعمل آخر ثم وجده قتيلاً [بجرح] (٨) الكلب لا غير فإنّه يثبت الكراهة؛ لأن سبب الإباحة ترجح لتحقّقه، وسبب الحرمة موهوم، وهو ممّا يمكن الاحتراز عنه فأوجب الكراهة، وفي الفصل الثّالث: ترجح ما يوجب الحلّ على وجه لم يورث في الصّيد ما يوجب الكراهة [فبقي] (٩) على أصل الحلّ، إلى هذا أشار شيخ الإسلام (١٠).


(١) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٨).
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٢٧ - ٤٢٨)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٣١).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٤٢)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٢٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٢٤).
(٤) في (ب): (وأخذ).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٢٧ - ٤٢٨)، تحفة الملوك (ص ٢٠٣)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٦٦).
(٦) في (ب): (ازداد).
(٧) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ٥٩)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٢٨)، تحفة الملوك (ص ٢٠٤).
(٨) في (ب): (لجرح).
(٩) في (ب): (فيبقى).
(١٠) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٢٤)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٣١ - ٤٣٢).