للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تكرار قراءة الفاتحة]]

قوله: وَفَسَادُهَا بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، أي: عندنا تفسد، وعند البعض وهو الحسن البصري لا تفسد، فإن فرضية القراءة عنده في ركعة واحدة لا غير لما أن الأمر بالشيء لا يقتضي التكرار، وقد ذكرناه، فإن قلت: كما أن الفساد بترك القراءة في ركعة مجتهد فيه، فكذلك الفساد بترك القراءة في الكل مجتهد فيه أيضًا، فإن القراءة ليست فريضة عند أبي بكر الأصم على ما ذكرت، فعلى هذا ينبغي أن لا تفسد التحريمة عند ترك القراءة في الشفع الأول أيضًا؛ لأنه مجتهد فيه (١).

قلت: قوله: ذاك خلاف لا اختلاف، فإن قوله مخالف للدليل القطعي، وهو قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (٢)، فلم يعتبر قوله لما أن القضاء في المجتهد إنما يأخذ حكم الصحة إذا كان قول من يخالف الدليل القطعي من الكتاب والسنة، فكان قوله بمنزلة قول من يقول: بحل متروك التسمية عامدًا، بل أفسد منه، فكان باطلًا، فلا يعتبر (٣).

وذكر فخر الإسلام رحمه الله: وحاصل اختلافهم أن على قول أبي يوسف الإحرام لا ينقطع بترك القراءة بحال، وعند محمد ينقطع بكل حال حتى (٤) تم الترك، وذلك إن يقيد بالسجدة بعد الترك، وعند أبي حنيفة هي ترك قراءة صارت شرطًا بدليل مقطوع به انقطع به الإحرام، وإذا لم يكن الدليل كذلك لم ينقطع بتركه (٥).

قوله: إذَا ثَبَتَ هَذَا نَقُولُ: إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْكُلِّ قَضَى رَكْعَتَيْنِ فشرع في بيان تلك المسائل الثماني، وحاصل الاختلاف فيها أنه إذا لم يقرأ فيهن شيئًا أو قرأ في إحدى القولين وإحدى الأخريين يقضي أربع ركعات عند أبي يوسف في الصورتين (٦)، وعند محمد رحمه الله يقضي ركعتين في الصورتين، وأبو حنيفة في الصورة الثانية مع أبي يوسف، وفي الصورة الأولى مع محمد رحمه الله (٧).

قوله: وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ لا غير هذا إذا قعد بينهما، وأما إذا لم يقعد فعليه أن يقضي أربًعا لما أن الفساد في الشفع الثاني يسري إلى الأول إذا لم يعقد بينهما، وقد ذكرناه ولو قرأ في الأخريين لا غير فعليه قضاء الأوليين بالإجماع (٨)، وهذا مما اتحد فيه الجواب، واختلف التخريج، والتخريج ما ذكرنا في الكتاب؛ لأن عندهما لم يصح الشروع في الشفع الثاني فلا يكون صلاة في قولهما حتى لو اقتدى به إنسان في الشفع الثاني لا يصح اقتداءه، ولو قهقهة لا تنقض طهارته (٩). كذا ذكر قاضي خان في «الجامع الصغير» (١٠).


(١) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٥٨. وتبيين الحقائق: ١/ ١٧٣.
(٢) سورة المزمل الآية (٢٠).
(٣) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٨.
(٤) - في ب هي بدل من حتى
(٥) انظر: كشف الأسرار: ٢/ ٤٨٨.
(٦) - في ب الصورة الاولى بدل من الصورتين
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٨، والمحيط البرهاني: ١/ ٤٥٢.
(٨) انظر: الأصل ١/ ١٦٠، بدائع الصنائع ١/ ٢٩٤.
(٩) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٥٨.
(١٠) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ١/ ٩٩.