للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

[[الصبي كالعبد المأذون في البيع والشراء]]

لما بيَّن أحكام إذن (١) العبد في التجارة شَرع في بيان أحكام إذن الصغير؛ لأنه من باب الإذن في التجارة أيضًا، إلا أنه قدَّم ذِكْر إذن العبد لكثرة وقوعه، ولكونه مُجمعًا عليه في جوازه (٢)، بخلاف إذن الصغير فيهما (٣).

[[ما يثبت في العبد المأذون من أحكام يثبت في الصبي]]

(فهو في البيع والشراء كالعبد المأذون حتى ينفذ (٤) تصرفه)، وهو ما ذكر في الكتاب (٥) بعد هذا بقوله: (والتشبيه بالعبد المأذون يُفيد أن ما يثبت في العبد من الأحكام يثبت في حقه (٦)، حتى أن تصرفه لا يتقيَّد بنوع دون نوع، ويصير مأذونًا بالسكوت، ويصح إقراره بما في يده من كسبه) إلى آخره (إذا كان يعقل البيع)، قد ذكرنا أن المراد من عقل البيع والشراء هو: أن يعرف أن البيع سالب للملك، والشراء جالب، ويعرف (٧) الغَبن اليسير من الغبن الفاحش، لا نفس العبارة، فإن كل صبي يتكلم إذا لُقِّن البيع والشراء يتلقنه [كذا في المغني] (٨) (٩).

(وقال الشافعي (١٠) -رحمه الله-: لا ينفذ) وأصل الخلاف بيننا وبين الشافعي (في أن عبارته صالحة للعقود الشرعية عندنا فيما يتردد بين المنفعة والمضرة، وعنده غير صالحة حتى لو توكَّل بالتصرف/ عن الغير نَفذ تصرفه عندنا، ولم ينفذ عنده) كذا في «المبسوط» (١١)، وذكر في «الأسرار» (١٢): وكذلك لو قَبِل الهبة بأمر الولي أو بغير أمره صح عندنا، وقال الشافعي (١٣) -رحمه الله- باطل كله؛ لأنه محجور عليه شرعًا لصباه، (لأن حجره لصباه فيبقى ببقائه) أي: فيبقى الحجر ببقاء صباه، ولا يعمل إذن الموْلَى في الإطلاق في التجارة ما دام الصِّبا فيه باقيًا؛ لقيام علة الحجر وهو الصِّبا.


(١) سقطت في (ع).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٣ - ٤)، الاختيار (٢/ ١٠٠)، الشرح الكبير للدردير (٣/ ٣٠٤)، مواهب الجليل (٥/ ٧٦)، العزيز شرح الوجيز (٤/ ٣٦٥)، المغني لابن قدامة (٥/ ٦١)، مراتب الإجماع (ص: ٨٩).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢١)، تحفة الفقهاء (٣/ ٢٨٥).
(٤) سقطت في (أ).
(٥) انظر: بداية المبتدي (ص: ٢٠٤).
(٦) أي: في حق الصبي.
(٧) سقطت في (ع).
(٨) سقطت في (أ).
(٩) انظر: فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨٠)، البناية (١١/ ١٧٣)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٩).
(١٠) قال الماوردي: (أما الصبي فشراؤه باطل عندنا، ولا يقف على إجازة الولي) وقال الشرواني: (وَالصَّبِيُّ يُعْتَدُّ بِبَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ) الحاوي الكبير (٥/ ٣٦٨)، و انظر: المهذب للشيرازي (٢/ ١٨٠)، حاشية الشرواني (٥/ ١٦٠).
(١١) للسرخسي (٢٥/ ٢١).
(١٢) انظر: الأسرار للدبوسي (٢/ ٤٢٦).
(١٣) انظر: الحاوي الكبير (٥/ ٣٦٨)، المهذب للشيرازي (٢/ ١٨٠).