للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يُبَاع في دَيْنِ المشتري ووصيته، أي: لا يُجعل دَيْنُ المشتري أو وصيته مُقَدَّمًا على حق الشفيع، بل حق الشفيع مقدَّم عليهما، وذكر في «المبسوط» (١)؛ لأن حق الشفيع مقدَّم على حق المشتري، وكان مقدَّمًا على حق من يثبت حقه من جهته أيضًا، وهو الغريم والموصى له، فإن باعها القاضي أو وصيُّه في دَيْن الميت فللشفيع أن يبطل البيع، ويأخذها بالشفعة، كما لو باعها المشتري في حياته، ولا يقال: بيع القاضي حكم منه، فكيف ينقضه الشفيع؛ لأنا نقول: إن القاضي إنما باعها إما لجهله بحق الشفيع، أو بناء على أنه لا يطلب الشفعة، فإذا طلبها كان بيعه باطلاً، ولأن هذا قضاء منه بخلاف الاجتماع (٢)؛ فقد أجمعوا على أن للشفيع حق بعض تصرف المشتري، فلا ينفذ قضاؤه.

وفي «الإيضاح» (٣): وكذلك لو جعل المشتري الدار التي اشتراها مسجدًا أو مقبرة أن الشفعة واجبة، وينقض ما صنع؛ لأن حق الشفيع سابق على ما صنع فلا يبطل حقه لما (٤) أحدث.

وقال الحَسَنُ (٥): «بطلت الشفعة؛ لأنه حين تصرف [قد] (٦) كان في ملكه، ونفذ (٧) تصرفه، وهذا التصرف لا يلحقه الفسخ كالعتق»» (٨).

وقيل في جوابه: إن حق الغير يمنع صيرورته مسجدًا؛ لأن المسجد ما أخلص لله تعالى، ومع تعلق حق الغير به لا يتخلص، ولهذا يزول [به] (٩) - أي بالمبيع- وإن لم يعلم ليس (١٠) المشفوعة، كما إذا سلم صريحًا وهو لا يعلم، وقد ذكرنا أن تسليم الشفعة بعد البيع يصح سواء علم الشفيع بوجوب الشفعة، أي: بالبيع أو لم يعلم؛ لأنه إسقاطٌ.

و [قد] (١١) ذكر في «المبسوط» (١٢): وعلمه بحقه ليس بشرطٍ في صحة الإسقاط باللفظ الموضوع له.

[بيع الشفيع شفعته قبل القضاء والتسليم الصريح والمساومة]

فإن قلت: يُشكل على هذا مسألة المساومة، فإن الشفيع إذا ساوم الدار من المشتري، أو سأله بأن يوليه إيَّاه، أو استأجرها الشفيع من المشتري وذلك بعد علمه بالشرى، فهو تسليم (١٣) للشفعة فإن هذه المعاني دليل الإعراض عن الأخذ بالشفعة، فإن المساومة طلب تمليك بعقد جديد، وكذا غيرها فكان إعراضًا عن الأخذ بالشفعة. كذا في «الإيضاح»» (١٤).


(١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١٦.
(٢) في (ع): «الإجماع»، وهو الصواب؛ لموافقته سياق الكلام.
(٣) ينظر: البناية: ١١/ ٣٧٥.
(٤) في (ع): «بما».
(٥) هو الحسن بن زياد اللؤلؤي.
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) في (ع): «فينفذ».
(٨) ينظر: بدائع الصنائع: ٥/ ٢٢، البناية: ١١/ ٣٧٥.
(٩) زيادة من: (ع).
(١٠) في (ع): «بِشِرَى»، وهو الصواب؛ لظاهر المعنى.
(١١) ساقطة من: (ع).
(١٢) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١٣.
(١٣) في (ع): «مسلم».
(١٤) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١٣.