للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعَلَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا، لَا يَخْرُجُ وَقْتُ العِشَاءِ مَا لمْ يَطْلُعِ الفَجْرُ الثَّانِي (١).

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رحمه الله- فِي قَوْلٍ (٢): بِأَنَّهُ يَخْرُجُ وَقْتُ العِشَاءِ، مَتَى مَضَى ثُلُثُ الليْلِ. وَقَالَ فِي قَوْلٍ (٣): مَتَى مَضَى نِصْفُ الليْلِ، خَرَجَ وَقْتُ العِشَاءِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا، فَيَمْتَدُّ حِينَئِذٍ إِلَى وَقْتِ طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي، وَاحْتَجَّ هُوَ بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ -عليه السلام-، فَإنَّهُ صَلَّى بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- العِشَاءَ فِي الليْلَةِ الثَّانِيَةِ، بَعْدَمَا مَضَى ثُلُثُ الليْلِ.

وامَّا مَا رُوِّينَا مِنَ الحَدِيثِ، وامَّا تَعَلُّقُهُ بِإِمَامَةِ جِبْرِيلَ؛ قُلْنَا: قَدْ رُوَى فِي إِمَامَتِهِ، أَنَّهُ أَخَّرَ العِشَاءَ فِي الليْلَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى النِّصْفِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَخِّرْ إِلَى النِّصْفِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إِلَيهِ (٤) مَكْرُوهٌ؛ وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْمُسَافِرِ (٥) إِلَى انْفِجَارِ الصُّبْحِ، فَكَانَ وَقْتًا لِلْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ السَّفَرِ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ، لَا فِي زِيَادَةِ الوَقْتِ.

وَذَكَرَ فِي "شَرْحِ الأَقْطَعِ " (٦): وَإِنَّ مَا قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ وَقْتٌ لِمَنْ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ، فَكَانَ وَقْتًا لِغَيْرِهِمَا، كَمَا قَبْلَ نِصْفِ الليْلِ.

[تقديم الوتر عَلَى العِشَاء]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وَقْتُهُ وَقْتُ العِشَاءِ) (٧).


(١) انظر: "بداية المبتدي" (ص: ١١)، "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١)، " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٢٢).
(٢) ينظر: "الأم للشافعي" (١/ ٧٤).
(٣) وهُوَ قول الشافعي -رحمه الله- فِي القديم. ينظر: "المهذب فِي فقه الإمام الشافعي" للشيرازي (١/ ١٨٦).
(٤) (إليه)، ساقطة من (ب).
(٥) فِي (ب): (فلأَنَّهُ وقت مكروه للمسافر).
(٦) ينظر: " شرح القدوري " (١/ ٤٠٢)
(٧) يقول صاحب الهداية: (وأول وقت الوتر بعد العشاء وآخره ما لم يطلع الفجر لقوله عليه الصَّلاة والسلام فِي الوتر "فصلوها مَا بين العشاء إِلَى طلوع الفجر". قَالَ -رضي الله عنه-: هذا عندهمَا وعند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وقته وقت العشاء إِلَّا أَنَّهُ لا يقدم عليه عند التذكر للترتيب). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١).