للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا في حق أهل مكة فالصّلاة أفضل لما ذكره من المعنى، وهو أنّ الطّواف يفوت في حق الآفاقي فكان هو أفضل من الصّلاة التي لا [تفوت] (١) وهي صلاة التطوّع (٢).

[[لم يذبح أضحيته حتى مضت أيام النحر]]

(ولو لم يضحّ حتى مضت أيّام النّحر: إن كان أوجب على نفسه أو كان فقيراً تصدّق بها حيّة) (٣)، وهذا القيد: وهو قيد الإيجاب على نفسه في حق بقاء وجوب التصدّق عليه وهو غني بعد مضي أيّام النّحر غير مفيد؛ لأنّه يجب عليه قضاؤها بالتصدّق عند مضي الوقت وإن لم يوجب على نفسه؛ لأنه ذكر في "المبسوط" بقوله: وأمّا بعد مضي أيّام النّحر فقد سقط معنى التقرب بإراقة الدم؛ لأنها لا تكون قربة إلا في مكان مخصوص وهو الحرم، أو في زمان مخصوص/ وهو أيّام النّحر، ولكن يلزمه التصدّق بقيمة الأضحية إذا كان ممّن تجب عليه الأضحية؛ لأنّ تقربه في أيّام النّحر كان باعتبار معنى الماليّة فيبقى بعد مضيها، [والتقرب] (٤) في المال في غير أيّام النّحر يكون بالتصدّق، ولأنّه يتقرب بشيئين: إراقة الدّم والتصدّق باللّحم، وقد عجز عن أحدهما وهو قادر على الآخر، فيأتي بما يقدر عليه (٥).

وكذا ذكر أيضاً في "الذّخيرة"، وقال: ثم وجوبها بآخر الوقت حتّى أن من كان موسراً في أيّام النّحر [فلم] (٦) يضحّ ومضى الوقت وافتقر بعد مضي أيّام النّحر لم يسقط عنه التصدّق بقيمة الشّاة حتّى لزمه الإيصاء بها (٧)، ولكن فائدة ذلك القيد في حق وجوب التصدق بها حيّة صحيحة لا في حق التصدّق بقيمتها؛ لأنّه لو تصدّق بقيمتها في هذه الصورة يجوز أيضاً؛ لأنّه ذكر في الفصل الثّالث من أضحيّة "الذّخيرة" أنّ: من قال: لله عليّ أن أضحي شاة، فإن كان موسراً فعليه أن يضحّى شاتين، إلا أن يعني به ما يجب عليه؛ وهذا لأنّ النذر إيجاب، والإيجاب ينصرف إلى غير الواجب ظاهراً، ولكن يحتمل الصرف إلى الواجب تأكيدًا له (٨).


(١) في (أ): (يفوت).
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (٩/ ١٣)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣١)، رد المحتار على الدر المختار (٢/ ٥٠٢).
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٠).
(٤) في (أ): (والتقربات).
(٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٤).
(٦) في (ب): (وَلَم).
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٧٥).
(٨) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٦٠).