للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ثُمَّ يقيمُ بِمَكةَ حَرَامًا) (١).

وإنما ذكر هذا احترازاً عن قول ابن عباس، فإنه قال: "يحلق، ويحل"، واحتج بحديث جابر أنه قال: «خرجنا معَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع، فمنا من أهلّ بحجة، ومنا من أهلّ بعمرة فكنت ممن أهلّ بالعمرة فدخلنا مكة صبيحة رابعة من ذي الحجّة فلما طفنا، وسعينا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهلّ بالحجّ بالإحلال، وأحللنا، وواقعنا النساء» (٢)، والجواب: أنه منسوخ (٣)، كان ذلك في الابتداء حين كان الناس يعدّون العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور فأمرهم أن يحلوا، ويجعلوها عمرة تقريراً لحكم الشرع ورداً للجاهلية، ثُمَّ نُسخ ذلك.

الإقامة بمكة محرمًا

وقال عمر - رضي الله عنه -: «متعتانِ كانتا على عهدِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-[وأنا] (٤) اليومَ أنهى عنهما، وأعاقبُ عليهما متعة النساءِ، ومتعة الحجِّ» (٥)، كذا في «مبسوط الإمام الإسبيجابي» (٦)؛ ولأن من شرع في إحرام الحجّ لا يحل له الخروج إلا بعد الفراغ منه، وهاهنا لم يفرغ، فلا يحل له الخروج كذا في «مبسوط فخر الإسلام».

وقوله (في الكتاب)؛ لأنه محرم بالحجّ فلا يتحلل إشارة إلى هذا التعليل بخلاف إحرام العمرة، فإن العمرة ليست إلا الطواف، والسعي، فإذا [أدَّاهما] (٧) فقد فرغ من أفعال العمرة، فيحل له الخروج عن إحرامها.


(١) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٤)
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه" باب: [التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالحَجِّ، وَفَسْخِ الحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ] (٢/ ١٤٢) برقم: [١٥٦٢]، وأخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [بَيَانِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُ الْحَجِّ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَجَوَازِ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَمَتَى يَحِلُّ الْقَارِنُ مِنْ نُسُكِهِ] (٢/ ٨٧٠) برقم: [١٢١١].
(٣) والنسخ لغة: الإزالة،
وشرعاً: رفع حكم شرعي بدليل شرعي آخر.
(٤) أثبته من (ب، ج).
(٥) كما في بعض الشروح: أنها كانت مشروعة على العموم ثُمَّ نسخت كمتعة النكاح.
انظر: تبيين الحقائق (٢/ ٢١)، البحر (٢/ ٣٦٠)، رد المحتر عن النهر (٢/ ٥٠٢).
انظر: العضد على ابن الحاجب (٢/ ١٨٥)، إرشاد الفحول (١٨٤)، كشف الأسرار (٣/ ١٥٥)، أصول السرخسي (٢/ ٥٤٩).
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ٢٧) وهو مبسوط الإمام السرخسي رحمه الله، وليس الإمام الإسبيجابي رحمه الله كما ذكر المؤلف.
(٧) أثبته من (ب) وفي (أ) أذاهما، ولعل الصواب مأثبته لموافقته سياق الكلام.