للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَفَرْضُ الطَّهَارَةِ: غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الثَّلاثَةِ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ) بِهَذَا النَّصِّ،

-قوله: (ففرض الطهارة) الفاء ها هنا لتعقيب الجملة عن الجملة على وجه البيان، فإن هذا الحكم استفيد من هذه الآية، ولكن في بعض الكميات والكيفيات نوع إشكال حتى وقع الخلاف فيها فَشَرعَ في بيانه.

والفرض: التقدير (١)، وها هنا بمعنى المفروض (٢) كقوله تعالى/ ٤/ أ/: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي} [لقمان: ١١] أي: مخلوقه.

والإضافة للبيان؛ لأن الفروض قد تكون من الطهارة ومن غيرها، ثم يحتاج ها هنا إلى بيان [نفس] (٣) الطهارة لغةً وشرعًا، وبيان سببها، وشرطها، وركنها، وحكمها.

[تعريف الطهارة]

أما تفسيرها لغة: النظافة وخلافها الدنس وتفسيرها شرعًا: التطهير بغسل أعضاء مخصوصة وخلافه الحدث (٤).

[سبب الطهارة]

وسبب (٥) وجوبها: الصلاة؛ لأنها تنسب إليها ويقوم بها، وهي شرط الصلاة.

فإن قلت: لما كانت الصلاة سببًا لها كانت الطهارة حكمًا للصلاة إذ المراد من السبب العلة، فكيف يكون الشيء الواحد حكمًا لشيء وشرطًا له، وبينهما منافاة؛ إذ الشرط يقتضي [التقدم] (٦) والحكم يقتضي [التأخر] (٧).

قلت: الصلاة سبب للطهارة من حيث الوجوب، أي: وجوب الطهارة عند وجود الحدث بسبب وجوب الصلاة وإلا فلا يجب، والطهارة شرط للصلاة من حيث الجواز، أي: إنما تجوز الصلاة عند وجود الطهارة، والجواز غير الوجوب فلم يكن الحكم والشرط بنسبة واحدة فيجوز كالصوم للاعتكاف الواجب، فإن سبب وجوب ذلك الصوم وجوب الاعتكاف ثم الصوم شرط جواز الاعتكاف؛ لأنه إنما يجوز الاعتكاف عند وجود الصوم


(١) طلبة الطلبة (١/ ١٧٠) مادة [ف ر ض].
(٢) انظر: المغرب (١/ ٢٥٧) مادة [ف ر ض].
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) الطهارة في اللغة: النظافة، والتنزه عن الادناس القاموس المحيط (٢/ ٨٢)، المصباح المنير (٢/ ٣٧٩) وفي الشرع: النظافة عن الحدث، أو الخبث (الدر المختار للحصكفي مع حاشية رد المختار)، وفي تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ١٨٨)، والمجموع (١/ ١٢٤) معناها: رفع الحدث وإزالة النجاسة، أوما في معناهما أو صورتهما.
(٥) السبب: هو كل ما توصلت به إلى شيء أو هو عبارة عما هو طريق إلى الشيء، كشف الأسرار (٤/ ١٧٠).
(٦) في (ب): «التقديم».
(٧) في (ب): «التأخير».