للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فثبت بهذا الحديث جواز الإذن في التجارة (١)، وأن ما يكتسبه العبد بعد الإذن حلال له، ولا بأس للعبد المأذون أن يتَّخِذ الدعوة بعد ألا يُسْرف في ذلك، ولا بأس بإجابة دعوته اقتداءً برسول الله -عليه السلام-.

ورُوي أيضًا أنه كان للعباس بن عبدالمطلب عشرون عبدًا، كل عبد منهم يتَّجر بعشرة آلاف (٢)، ولم يُرو أن رسول الله -عليه السلام- ولا واحدًا من أصحابه أنكر عليه ذلك.

وأما المعقول: فهو أن الموْلَى يستغني بمملوكه في أموره شرعًا، والإذن في التجارة من قبيل ذلك فيملكه.

[[يثبت الإذن بالصريح والدلالة]]

وأما ما يحصل به الإذن فنوعان (٣): أحدهما: يثبت صريحًا، والآخر: يثبت دلالةً، وسيجيء بيانه -إن شاء الله تعالى-.

وأما سببه: فهو السبب في البيوع وسائر المعاملات، وقد ذكرناه في البيوع.

[[شروط الإذن في التجارة]]

وأما شرطه فنوعان (٤):

أحدهما: من جهة الآذن، وهو أن يكون الآذن ممن له ولاية على المأذون في الإذن (٥) بالتجارة.

والثاني: من جهة المأذون، وهو أن يكون عاقلًا لما يُؤذن فيه، سواء كان بالغًا أو غير بالغ، ودخل تحت قولنا: ممن له ولاية الإذن في التجارة: المُكَاتَب، والمأذون، والمضارب (٦) والشريك معاوضةً، أو عيانًا، والأب، والجد أبُ الأبِ، والقاضي، والوالي (٧) (٨).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٣)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٣)، الاختيار (٢/ ١٠٠).
(٢) وجدته بلفظ آخر أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٨/ ١٠٤) برقم (٨١٠٧) وفي المعجم الكبير للطبراني (١١/ ١٧١) برقم (١١٣٩٨) عن ابن عباس {قل لمن في أيديكم من الأسرى} الأنفال: ٧٠ حتى بلغ {أخذ منكم} الأنفال: ٧٠، قال: كان العباس يقول: «فيَّ والله أنزلت حين أخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إسلامي، وسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي وجد معي فأبى أن يحاسبني بها فأعطاني الله بالعشرين أوقية عشرين عبدًا كلهم تاجر بمالي في يده مع ما أرجو من مغفرة الله». قال الهيتمي: (رِجَالُ الْأَوْسَطِ رِجَالُ الصَّحِيحِ) انظر: مجمع الزوائد (٧/ ٢٨).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩١)، الاختيار (٢/ ١٠٠).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٣)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٤).
(٥) في (ع) (المأذون) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٦) الْمُضَارَبَةِ لغةً: الْقِرَاضُ. مختار الصحاح مادة (ض ر ب) (ص: ١٨٣) وشرعًا: دفع المَال إِلَى غَيره ليتصرف فِيهِ وَيكون الرِّبْح بَينهمَا على مَا شرطا فَيكون الرِّبْح لرب المَال بِسَبَب مَاله؛ لِأَنَّهُ نَمَاء مَاله وللمضارب بِاعْتِبَار عمله الَّذِي هُوَ سَبَب وجود الرِّبْح. تحفة الفقهاء (٣/ ١٩) العناية (٨/ ٤٤٦).
(٧) الوالي: الذي يلي القوم بالتدبير والأمر والنهي، ومنه الولي. انظر: الكشاف (٢/ ١٨٠٦)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٤٩٨).
(٨) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٣)، الاختيار (٢/ ١٠٢)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٤).