للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التصرف فكان قيام يده مانعًا لصحة المضاربة وإن شرط المأذون عمل مولاه مع المضارب ولا دين عليه فالمضاربة فاسدة، لأن المولى مالك للمال فإذا حصل الملك في يده فقد وجد يد المالك فلا تتم المضاربة وإن كان عليه دين فالمضاربة جائزة في قول أبي حنيفة رحمه الله (١)؛ لأنه لا حق للمولى فيه فصار كالأجنبي. وأما المكاتب إذا شرط عمل مولاه لم تفسد المضاربة؛ لأن المولى أبعد من مال المكاتب منه من مال المأذون، لأنه ليس له أن ينزعه من يده أصلًا فصار كالأجنبي كذا في الإيضاح (٢).

الحكم إذا صحت المضاربة مطلقًا

(وإذا صحت المضاربة مطلقًا): هو أن لا يكون مقيدًا بزمان ولا مكان فقال في الذخيرة (٣): وإذا دفع مالًا مضاربة بالنصف ولم يزد على هذا فهذه مضاربة مطلقة وله أن يشتري به ما بدا له من سائر التجارات، لأن المطلق يتناول الأنواع كلها وله أن يعمل ما هو من عادات التجار كالإبضاع.

(جاز للمضارب أن يبيع): أي: بالنقد والنسيئة عندنا وقال ابن أبي ليلى (٤) رحمه الله: ليس له أن يبيع بالنسيئة؛ لأن ذلك تصرف يوجب قصر يده عن مال المضاربة والتصرف فيه فيكون ضدًا لما هو مقصود رب المال بمنزلة الإقراض، ألا ترى: أن البيع بالنسيئة من المريض يعتبر من الثلث فعرفنا أنه بمنزلة التبرع، ولكنا نقول: البيع بالنسيئة من صنيع التجار وهو أقرب إلى تحصيل مقصود رب المال وهو الربح فالربح في الغالب إنما يحصل بالبيع بالنسيئة دون البيع بالنقد، ولأن تسليط المضارب على المال ليس بمقصود رب المال إنما مقصوده تحصيل الربح


(١) في (ب): رضي الله عنه.
(٢) يُنْظَر: بدائع الصنائع ٦/ ٥٨.
(٣) يُنْظَر: الفتاوى الهندية ٤/ ٢٨٨.
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق ٥/ ٥٨.