للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أنه ذكر في «المحيط» (١): إذا كان الرجل في السّفر، وأمطرت السماء، فلم يجد مكانًا يابسًا ينزل الصلاة، فإنه يقف على دابته مستقبل القبلة، [فيصلي بالإيماء] (٢) إذا أمكنه إيقاف الدابة، وإن لم يمكنه إيقاف الدابة مستقبل القبلة، فإنّه يصلي مستدبر القبلة بالإيماء، فعلى هذا إذا كان يخاف النزول عن الدابة، فإنه يصلي راكبًا مستقبل القبلة بالإيماء، وإن لم يمكنه صلى مستدبرًا، ثم إنما يجزئه ذلك إذا كانت الدابة تسير بسير نفسه، فأمّا إذا كان يُسيرها صاحبها لا يجزئه (٣) هذا في الفرائض.

وأما النوافل فيجوز على الدابة بالإيماء على أي جهة شاء سواء قدر على النزول أو لم يقدر، وقد ذكرناه، وذكر فيه أيضًا فإن كان الرجل ماشيًا هاربًا من العدو، فحضرت الصلاة، ولم يمكنه الوقوف ليصلي، فإنه لا يصلي ماشيًا عندنا، بل يؤخر، وعند الشافعي يصلي في تلك الحالة بالإيماء، ثم يعيد فإن صلوا صلاة الخوف من غير أن يعاينوا (٤) العدو جاز صلاة الإمام، ولم يجز صلاة القوم إذا صلوها بصفة الذهاب، والمجيء، والخوف من سبع يعاينونه كالخوف من العدو؛ لأن الرخصة لدفع سبب الخوف عندهم، ولا فرق في هذا بين السبع، والعدو (٥).

[١٥٣/ ب] (وعن محمد -رحمه الله- أنهم يصلون بجماعة) (٦)، [وقال: استحسن ذلك لينالوا فضيلة الصلاة] (٧) بالجماعة فقد جوّزنا لهم ما هو أعظم من ذلك، وهو الذهاب، والمجيء لأجل إحراز فضيلة الجماعة، ولكنا نقول: ما أثبتناه من الرخصة أثبتنا بالنص، ولا مدخل للرأي في إثبات الرخص، ولأن بينهم، وبين الإمام طريقًا، فيمنع صحة الاقتداء إلا أن يكون الرجل مع الإمام على دابة/ واحدة فيصحّ اقتداؤه به؛ لأنه ليس بينهما مانع. كذا في «المبسوط» (٨)، والله أعلم.

[باب الجنائز]

لما ذكر أحد أركان الدِّين على وجه يعم الأماكن كلها، وهو الصلاة بأصولها، وما يعرض عليها ختمها بآخر العوارض الذي هو [آخر] (٩) أحوال المكلّفين بالصلاة في حق الصلاة، وما يتبعها كما ختم الكتاب بالوصايا؛ لأنه آخر أحوالهم في جميع التكاليف، أو لما ذكر الخوف أعقبه بالجنائز؛ لأن الخوف قد يُفضي إلى الموت (١٠). ألا ترى أنه ذكره في «المبسوط» (١١): ومن وجد في المعركة ميتًا ليس به أثر غسل؛ لأن الظاهر أنه لما التقى الصفان انخلع قناع قلبه من شدةالفزع، ومات، والجبان يُبتلى بهذا.


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٥١.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) في (ب): "يجوز".
(٤) في (ب): " يقاتلوا ".
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٥١.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٨.
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٨٧.
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠٣.
(١١) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٩٢.