للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فيعلم] (١) بهذا أنَّ الشُّهود في قولهم شككنا لا يختلف الحكم بين أن يكون ذلك قبل القضاء أو بعده، في أنَّه يقبل هذا القول منهم إذا كانوا عُدولاً (٢).

وقال الإمام المحبوبي في قوله: «أوهمت بعض شهادتي» (٣): لم يبين في الكتاب أنَّه يجوز شهادته فيما شهد، أو فيما بقي.

قال بعضهم: يقضي بجميع ما شهد؛ لأنَّ المشهود له استحق على القاضي القضاء المشهود بشهادته ووجب قضاؤه، فلا يسقط ذلك بقوله: «أوهمت» (٤).

وقال: يقضي بما بقي، حتى لو شهد بألف، ثم [قال] (٥): غلط بل هو خمسمائة، قضى على المشهود عليه بخمسمائة؛ لأن الحادث بعد الشَّهادة يجعل كالمقرون بأصل الشَّهادة، وإليه مال الإمام شمس الأئمة السرخسي (٦).

«وعن أبي حنيفة، وأبي يوسف - رحمهما الله - أنَّه يقبل قوله في غير المجلس» (٧)؛ أي: في جميع المسائل.

والظاهر ما ذكرناه، وهو أن في قوله: «أوهمت بعض شهادتي» يقبل إذا كان في المجلس ولم يبرح بعد، ولا يقبل في ذلك بعد ما قام عن المجلس في موضع شبهة التلبيس، وأمَّا في غير موضع شبهة التلبيس يُقبل قول الشَّاهد في جميع الأوقات بأن قال: غلطت في ترك لفظ الشَّهادة مثلاً (٨). والله أعلم/.

* * *

­ [باب الاختلاف في الشَّهادة] (٩).

لما ذكر مسائل الاتفاق في الشَّهادة ذكر في هذا الباب مسائل الاختلاف فيها؛ لأن الأصل هو الاتفاق، إذ هو نتيجة الأصول والقضايا المتحدة، والأصل فيهما الاتحاد.

ولأنَّ الاختلاف إنَّما ينشأ لعارض الجهل والكذب، وكل منهما عارض، خصوصاً في حق العدول من الشُّهود (١٠).

«لأنَّ تقدم الدَّعوة في حقوق العباد شرط» (١١) هذا [احتراز] (١٢) عن حقوق الله تعالى، فإنَّ لقبول الشَّهادة في حقوق الله تعالى تقدم الدعوة ليس بشرط؛ لأنَّ رعاية حقوق الله تعالى واجبة على كل [واحد] (١٣)، فكان كل واحد خصماً في إثباتها، فصار كأنَّ الدَّعوى موجودة فيها (١٤).


(١) في «س»: [فعلم].
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٦).
(٣) الهداية (٣/ ١٢٥).
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٢٩)،
(٥) سقط من: «ج».
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٢٩)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٢٨)، رد المحتار (٥/ ٤٨٩).
(٧) الهداية (٣/ ١٢٥).
(٨) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٦).
(٩) سقط من: «ج».
(١٠) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٧).
(١١) تمام المسألة في الهداية (٣/ ١٢٦): «الشهادة إذا وافقت الدَّعوى قبلت، وإن خالفتها لم تقبل؛ لأنَّ تقدم الدَّعوى في حقوق العباد شرط قبول الشهادة، وقد وجدت فيما يوافقها وانعدمت فيما يخالفها».
(١٢) في «ج»: [احترازاً].
(١٣) في «س»: [أحد].
(١٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٧)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٢٩).