للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في نوادر الصلاة: لو صلى الرجل على جنازة، فكبر تكبيرة (١)، ثم جيء بأخرى، فوضعت بجنبها، فإن كبر التكبيرة الثانية ينوي الصلاة على الأولى أو عليهما أو لا نية له فهو على الجنازة الأولى على حالة يتمها، ثم يستقبل الصلاة على الثانية؛ لأنه نوى إيجاد الموجود، وهو لغو، وإن كبر ينوي الصلاة على الثانية يصير رافضًا للأولى شارعًا في الثانية؛ لأنه نوى ما ليس بموجود، فصحت نيته، وإذا قرأ الإمام من المصحف فسدت صلاته، وتقييد الإمام اتفاقي، فإن الحكم لا يختلف في الإمام وغيره (٢)؛ ولذلك أطلق الرواية في «المبسوط» (٣)،

[[القراءة من المصحف]]

وقال: وإذا قرأ في صلاته من المصحف فسدت صلاته عند أبي حنيفة، وكذلك الدليل من الطرفين لا يفصل بين إمام ومنفرد، فجاز أن يكون القيد بالإمام باعتبار أن الإمام هو الذي يحتاج إلى تطويل القراءة عادة، فيحتاج إلى القراءة من المصحف، وعند الشافعي (٤) رحمه الله يجزئه بغير كراهة، واحتج أبو يوسف ومحمد رحمهما الله بما روى من حديث ذكوان أنه كان يؤم عائشة رضي الله عنها في رمضان، وكان يقرأ من المصحف، والمعنى فيه أنه قرأ القرآن، فيجزئه صلاته كما لو قرأ عن ظهر القلب، وهذا لأن الفساد لا يخلو إما أن كان لأجل حمل المصحف أو لأجل النظر/ أو لأجل تقليب الأوراق لا جائز أن يكون الفساد لأجل الحمل؛ لأن حمل ما هو أكبر من المصحف لا يوجب فساد الصلاة ألا ترى أن رسول الله عليه السلام كان يصلي، وأُمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فكان يضعها إذا سجد ويحملها إذا رفع رأسه من السجود، ولا جائز أن يكون لأجل النظر (٥) إلى المصحف؛ لأن النظر إلى المصحف لا يكون أكبر حالًا من النظر إلى النقوش في المحراب، وهو لا يوجب الفساد، ولا جائز أن يكون لتقليب الأوراق؛ لأنه عمل قليل، وهو لا يوجب الفساد إلا أنه يكره؛ لأنه (٦) صنيع أهل الكتاب، فإنهم يصلون هكذا، فكره التشبه بهم؛ لأنا نهينا عن التشبه بهم، فيما لم يكن منه بد كما يكره للإنسان أن يصلي سادلًا ثوبه؛ لأنه صنيع أهل الكتاب، ولنا منه بد، فيكره التشبه بهم (٧).


(١) ساقط من (ب).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق: ٤/ ٧٢.
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٦٩.
(٤) ينظر: العزيز شرح الوجيز (٣/ ٣٣٦).
(٥) في (ب) للنظر.
(٦) في (ب): زيادة تشبه بصنيع.
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ١/ ٤٤٦، ٢/ ٧٧.