للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (سَوَاسِيَةٌ).

أَيْ: سَوَاءٌ، يَقُولُ: هُمَا فِي هَذَا الْأَمْرِ سَوَاءٌ، وَإِنْ شِئْتَ سَوَاءَانِ، وَهُمْ سَوَاءٌ لِلْجَمِيعِ (١) وَهُمْ أَسْوَاءٌ، وَهُمْ سَوَاسِيَةٌ، أَيْ: أَشْبَاهٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، مِثْلُ ثَمَانِيَةٍ كَذَا فِي "الصِّحَاحِ " (٢).

وَعَلَى هَذَا، الْقَاضِي، وَالْمُفْتِي، وَمَنْ يَعْمَلُ لِلْعَامَّةِ، لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا إِذَا اشْتَغَلُوا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا؛ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (٣).

وَقِيلَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ؛ لِمَنْ فَوْقِهِ فِي الْعِلْمِ، وَالْجَاهِ؛ حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، سِوَى الْمُؤَذِّنِ؛ يَعْنِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْصَالٌ (٤) كَذَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ.

[الفصلُ بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَيَجْلِسُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إِلَّا فِي المغرب)

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ -رحمه الله- فِي "شرح الجامع الصغير" (٥): أَمَّا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَلَا خِلَافٌ؛ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ، أَنْ يَصِلَ الْإِقَامَةَ بِالْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْأَذَانِ، إِعْلَامُ النَّاسِ، بِدُخُولِ الْوَقْتِ، لِيَتَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ بِالطَّهَارَةِ، ثُمَّ يَحْضُرُوا الْمَسْجِدَ، لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ، إِذَا وَصَلَ الْإِقَامَةَ بِالْأَذَانِ.


(١) في (ب): (جمع).
(٢) "مختار الصحاح، للرازي" (١/ ٣٢٦).
(٣) (بالمعروف): ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (استفضال).
(٥) ذكر نحوه السرخسي في مبسوطه فقال -رحمه الله-: (فَأَمَّا فِي صَلَاةِ المغرب فَيُكْرَهُ لَهُ وَصْلُ الْإِقَامَةِ بِالْأَذَانِ كَمَا فِي غَيْرِهَا وَالْأَفْضَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وَذَكَرَ الْحَسَنُ -رحمه الله- عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْأَفْضَلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ مِقْدَارَ جِلْسَةِ الْخَطِيبِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ أَذَانِ المغرب وَالْإِقَامَةِ بِجِلْسَةٍ؛ وَلِأَنَّ السَّكْتَةَ تُشْبِهُ السَّكَتَاتِ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِهَا الْفَصْلُ فَالْجِلْسَةُ لِلْفَصْلِ أَوْلَى) "المبسوط للسرخسي" (١/ ١٣٩).