للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِالتَّطَوُّعِ فِي الصَّلَوَاتِ؛ الَّتِي يُتَطَوَّعُ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ، مَسْنُونًا كَانَ أَوْ مُسْتَحَبًّا؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثَلَاثًا وَقَالَ الثَّالِثَةُ لِمَنْ شَاءَ» (١) وَالشَّافِعِيُّ -رحمه الله- أَخَذَ بِظَاهِرِ (٢) الْحَدِيثِ؛ فَقَالَ: يُفْصَلُ بَيْنَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، فِي صَلَاةِ المغرب، بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَاةِ (٣).

وَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ؛ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا، عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِلُ الْإِقَامَةَ بِالْأَذَانِ فِي المغرب، بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا؛ لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْفَصْلِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ، يَسْكُتُ قَائِمًا، سَاعَةً؛ ثُمَّ يُقِيمُ.

وَمِقْدَارُ السَّكْتَةِ عِنْدَهُ، قَدْرُ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ، مِنْ قِرَاءَةِ (٤) ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ، أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ: مِقْدَارُ مَا يَخْطُوا ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ، وَعِنْدَهُمَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجَلْسَةٍ خَفِيفَةٍ، مِقْدَارُ الْجَلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ.

وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْحُلْوَانِيُّ -رحمه الله- (٥) الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ؛ حَتَّى أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- إِنْ جَلَسَ جَازَ وَالْأَفْضَلُ (٦) أَنْ لَا يَجْلِسَ، وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْعَكْسِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ (٧).


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٢٠٢) في كتاب "مواقيت الصلاة" باب "بين كل أذانين صلاة لمن شاء" حديث رقم (٦١٢)، ومسلم في "صحيحه" (ص ٣٢٥) في كتاب "الصلاة" باب "بين كل أذانين صلاة" حديث رقم (٨٣٨). من حديث عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-.
(٢) في (ب): (ظاهر).
(٣) وانْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا قَدْرَ السُّنَّةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَفِي المغرب بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ سَكْتَةٍ أَوْ جِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (١/ ٢٧٦)
(٤) (من قراءة) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): (الحلوائي).
(٦) في (ب): (فالأفضل).
(٧) ذكره في " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ١٠٣).