للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا جِهَةَ لَهُ حَتَّى يُتَوَجَّهُ إِلَيْهِ) (١) وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ هَذَا إِذَا صَلَّى إِلَى الْجِهَةِ؛ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهِ تَحَرِّيهِ (٢).

[[أحوال المأمومين مع الإمام]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ) (٣).

أَيْ: مِنَ الْقَوْمِ الْمُقْتَدِينَ، بِهَذَا الْإِمَامِ، وَهَذَا الْقَيْدُ؛ وَهُوَ عِلْمُ الْمُقْتَدِينَ حَالَ كَوْنِهِمْ مَأْمُومِينَ لَيْسَ بِلَازِمٍ، فِي حَقِّ فَسَادِ صَلَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَوْ عَلِمَ حَالَ الْإِمَامِ (٤) قَبْلَ الاقْتِدَاءِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَالُ الْإِمَامِ، فِي وَقْتِ الاقْتِدَاءِ، عَلَى حَالِ الصِّحَّة؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْمُصنِّفُ -رحمه الله- فِي "التَّجْنِيسِ" (رَجُلٌ تَحَرَّى الْقِبْلَةَ، فَأَخْطَأَ، فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ؛ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ وَقَدْ عَلِمَ حَالَهُ، الْأَوْلَى لَا يَجُوزُ صَلَاةُ الدَّاخِلِ، لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي صلَاتِهِ، وَعَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَلَوْ عَلِمَ مِنْ أَوَّلِ صَلَاتِهِ أَنَّ الْإِمَامَ عَلَى الْخَطَأِ، وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَجُزْ فَكَذَا هَذَا) (٥)، وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ (٦).


(١) لفظ "الجهة" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " فلفظ «الجهة» قد يراد به شيء موجود غير الله فيكون مخلوقا، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السموات. وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العال. ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ «الجهة» ولا نفيه، كما فيه إثبات «العلو» و «الاستواء» و «الفوقية» و «العروج إليه» ونحو ذلك. وقد عُلم أن ما ثمّ موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق مباين للمخلوق سبحانه وتعالى، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. فيقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق، فالله ليس داخلا في المخلوقات؛ أم تريد بالجهة ما وراء العالم، فلا ريب أن الله فوق العالَم، بائن من المخلوقات " "التدمرية/ لابن تيمية " (ص: ٦٦).
(٢) (تحريه): ساقطة من (ب).
(٣) قال صاحب الهداية: (وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ بِحَالِ إمَامِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) قال الشارح: لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَإِ " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٧٣).
(٤) (حال الإمام): ساقطة من (ب).
(٥) "التجنيس والمزيد، للمرغيناني" (٤٢٢).
(٦) ينظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي " (١/ ١٢١).