كتاب النهاية في شرح الهداية - السغناقي

كتاب المأذون] - [بقاء ولاية الحجر ببقاء الرق] - ج: 21 - ص: 29

بخلاف أسباب العبادات في حق الصبي والمجنون؛ لأن المراد منها شَغْل الذِّمَة بالوجوب لتحقيق الابتلاء، وهما ليسا بأهل للابتلاء، فلا تثبت الأسباب الموحية للابتلاء في حقهما لذلك؛ إذ ليس لهذه الأسباب أصل وخلف حتى يثبت ما هو الأصل لهما والخلف لغيرهما؛ كما في تصرف العبد فافترقا؛ لأن الإسقاط ألا يتوقف كالطلاق (١) والعَتاق (٢).

[[بقاء ولاية الحجر ببقاء الرق]]

فإن قلتَ: لو كان إسقاطًا لَمَا كان للموْلَى ولاية الحجر بعده؛ لأنه أسقط (٣) حقه والساقط لا يعود (٤)، قلتُ: بقاء ولاية الحجر باعتبار بقاء الرِّق، وكان في الحجر امتناع عن الإسقاط فيما يُستقبل لا فيما مضى [لا أن] (٥) الساقط يعود، كما إذا رأى [عبده يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا عندنا (٦) (٧).

فإن قلتَ: ما الفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا [رأى] (٨) القاضي من (٩) الصغير (١٠) أو المعتوه (١١) أو عبد الصغير يبيع ويشتري وسكت، لا يكون إذنًا له في التجارة، مع أن القاضي يملك أن يأذن لليتيم أو عبد اليتيم؛ بل ولاية القاضي أقوى من ولاية الأب في مال (١٢) الصغير، حتى أن القاضي إذا أذن للصغير وأبى الأب صحَّ إذن القاضي ولا يعتبر لإباء الأب، والمسألة في «تتمة الفتاوى» (١٣) (١٤) و «الذخيرة» (١٥).

---

(١) الطلاق لغةً: التَّخْلِيَةُ والإِرسال وحلُّ الْعَقْدُ. مقاييس اللغة (٣/ ٤٢٠)، لسان العرب (١٠/ ٢٢٩). وشرعًا: عبارة عن حكم شرعي برفع القيد النكاحي بألفاظ مخصوصة. العناية (٣/ ٤٦٣)، الاختيار (٣/ ١٢١).
(٢) قال الكاساني: (الْإِسْقَاطَاتُ تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ وَالْإِضَافَةَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا، فَأَمَّا الْحَجْرُ فَإِثْبَاتُ الْحَقِّ وَإِعَادَتُهُ، وَالْإِثْبَاتُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ وَالْإِضَافَةَ كَالرَّجْعَةِ وَنَحْوِهَا) بدائع الصنائع (٧/ ١٩٢).
(٣) في (أ) (إسقاط) وما أثبت هو الصحيح. انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٢٨٣).
(٤) انظر: فتح القدير (٤/ ٢٨٥)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٧٤)، البحر الرائق (٢/ ٩٤).
(٥) في (ع) (لأن).
(٦) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٤٩٧)، تحفة الفقهاء (٣/ ٢٨٦)، الاختيار (٢/ ١٠٠).
(٧) يُشير إلى خلافه مع الشافعي أنه بالسكوت لا يصير مأذونًا. انظر: العزيز (٤/ ٣٦٧).
(٨) سقطت في (ع).
(٩) سقطت في (ع).
(١٠) الصَّغِيرُ: يقع هذا الاسم على الصبي من حين يولد على اختلاف حالاته إلى أن يبلغ. الكليات (ص: ٦٧٢).
(١١) الْمَعْتُوهُ: النَّاقِصُ الْعَقْلِ. الصحاح مادة (ع ت هـ) (٦/ ٢٢٣٩)، واصطلاحا: هو من كان قليل الفهم، مختلط الكلام، فاسد التدبير. التعريفات (ص: ٢٢١).
(١٢) في (ع) (حق).
(١٣) للإمام برهان الدين: محمود بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي، صاحب (المحيط) المتوفى: سنة ٦١٦ هـ، وهو كتاب جمع فيه الصدر الشهيد حسام الدين ما وقع إليه من الحوادث والواقعات، وضم إليها ما في الكتب من المشكلات، واختار في كل مسألة فيها روايات مختلفة، وأقاويل متباينة، ما هو أشبه بالأصول، غير أنه لم يرتب المسائل ترتيبًا. كشف الظنون (١/ ٣٤٣) هدية العارفين (٢/ ٤٠٤).
(١٤) انظر: فتاوى قاض خان (٣/ ٥٨٠)، الاختيار (٢/ ١٠٠)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٤٦).
(١٥) انظر: المصدر السابق.