للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[(خذ المالك ليس دليلا على رضاءه لعدم الحجة]]

(وَأَخَذَهُ دُونَهَا لِعَدَمِ الْحُجَّة (١) أي: أخذ المالك ما هو دون قيمة المغصوب كان لعدم الحُجة، وهذا جواب لسؤال مقدّر، وهو أن يقال: ينبغي ألا يكون للمالك هذا الخيار، لأنه لمَّا أَخَذَ القيمة، وإن كانت ناقصة قد تم رضاؤه كما في المسألة الأولى، فإنّه لمَّا ادّعى هناك تلك القيمة، قلنا: قد تمّ رضاه، وههنا أيضًا لمَّا أخذ تلك القيمة [يقول: قد تم رضاه فقال في جوابه: لا بل لم يتم رضاه، والذي أخذه لم يدل على رضاه بتلك القيمة] (٢)؛ لأنّه إنما أخذ تلك القيمة للضرورة، وهي عدم الحجة فلا يدل ذلك على رضاه، بخلاف تلك المسألة؛ لأن دعواه تلك القيمة كان ذلك باختياره (٣).

[[ظهور العين بعدما ضمنه]]

(ولو ظهرت العين، وقيمتُها مثل ما ضمَّنه أو دونه) أي: قيمة المغصوب أقلّ من الذي ضمنه، فهو (في هذا الفصل الأخير)، وهو ما إذا كان ضمّنه بقول الغاصب مع يمينه، (فكذلك الجواب) أي: (فهو بالخيار إن شاء أمضى الضمان، وإن شاء أخذ العين وردّ العوض) كما لو ظهرت وقيمتها أكثر من الذي ضمنه، وقوله: (لأنه لم يتمّ رضاه) تعليل قوله: (وهو الأصح).

وقال في «المبسوط» (٤) (قال الْكَرْخِيُّ (٥) - رحمه الله-) هذا- أي: الخيار للمالك فيما إذا كانت قيمتها بعدما ظهرت أكثر مما قال الغاصب- فأمّا إذا كانت قيمتها مثل ما قال الغاصب، فلا خيار له في استردادها؛ لأنه يُوَفِّر عليه بدل ملكه بكماله، (وفي ظاهر الرواية (٦) الجواب مطلق، وهو الصحيح؛ (لأنه لم يتم رضاه) بزوال ملكه عن العين إذا (لم يُعْط ما يدعيه) من القيمة، وثُبوت الخيار له (٧) لانعدام تمام الرِّضا من جهته، وذلك لا يختلف باختلاف قيمتِها، فقد لا يَرْضى الإنسان بزوال العين عن ملكه بقيمته)، وقوله (لم يُعْط) على بناء المفعول أي: المالك لم يُعْط ما يدّعيه.


(١) الْحُجَّةُ: الْبُرْهَانُ. الصحاح مادة (ح ج ج) (١/ ٣٠٤)، مختار الصحاح مادة (ح ج ج) (ص: ٦٧).
(٢) في (ع): سقط نظر.
(٣) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٧)، البحر الرائق (٨/ ١٣٦).
(٤) للسرخسي (١١/ ٦٧).
(٥) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٢)، فتاوى قاض خان (٣/ ١١١)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣٧).
(٦) انظر: المبسوط للشيباني (١١/ ٩٤)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٢)، الاختيار (٣/ ٦٠).
(٧) في (أ): زيادة (لأنه لم يتم رضاه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٦٧).