للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومن جاوز الميقات). وفي بعض النسخ (الوقت) (١).

والمراد به هو الأول، أي ومن جاوز الميقات بغير إحرام، ثُمَّ أحرم بعمرة، ثُمَّ أفسد العمرة بأن جامع قبل الطواف لها مضى فيها (٢) هاهنا ثلاثة أحكام، وهي المضي فيها، ووجوب القضاء وعدم لزوم الدم.

أما وجوب المضي فيها فلأن الإحرام عقد لازم لا يخرج المرء عنه بعد شروعه فيه إلا بأداء الأفعال، ولهذا كان مظنونه مضمونًا بخلاف الصلاة، والصوم، وأما القضاء، فلأنه التزم الأداء بوصف الصحة، ولم يوجد.

وأما لا دم عليه فلأنه يقضيها كاملًا بإحرام من الميقات فينجبر به ما نقص من حق الميقات بالمجاوزة بغير إحرام فسقط عنه الدم كمن سها في صلاته، ثُمَّ أفسدها فقضاها سقط سجود السهو فهذا كذلك على ما مرّ كذا في «شرح جامع الصغير» (٣).

[حكم لو جامع المحرم قبل الوقوف بعرفة]

فإن قلتَ: ما الفرق بين إفساد العمرة هاهنا بالجماع وبين إفساد الحجّ بالجماع فيما مرّ من مسائل الجنايات بالجماع حيث لم يسقط الدم هناك مع وجود القضاء فقال: ومن جامع هذا في أحد السبيلين قبل الوقوف بعرفة فسد حجه (٤)، وعليه شاة (٥) وعليه (٦) الحجّ من قابل، وهاهنا سقط وجوب الدم في العمرة لانجبار الفساد بالقضاء، وهناك أيضًا انجبر بالفساد بالقضاء، ومع ذلك لم (٧) يسقط الدم.

قلتُ: هذا طرد لا نقض، وما وقع الافتراق بينهما باعتبار أنه أفسد العمرة

لا الحجّة، بل لمعنى آخر حتى أنه لو كان في الحجّة مثل ما كان في العمرة

هاهنا يسقط الدم في الحجّة أيضًا، وهو أن وجوب الدم هاهنا إنما كان لمجاوزة (٨) الميقات حلالًا.

ثُمَّ في إحرام القضاء لما أحرم من الميقات فقد أدّى حق الميقات فانجبر به ما نقص من حق الميقات، فسقط الدم لما ذكرنا من الانجبار، وكذلك لو جاوز الميقات حلالًا، ثُمَّ أحرم بالحجّ، ثُمَّ جامع قبل الوقوف حتى فسد حجه سقط عنه دم الوقت عندنا أيضًا؛ لأن القضاء وجب عليه، فإذا عاد للقضاء يحرم من الميقات [فانعدم] (٩) به المعنى الذي لأجله كان يلزمه الدم، فلذلك سقط الدم، كذا في «المبسوط» (١٠).


(١) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٤).
(٢) في (ب): منها.
(٣) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١١٢).
(٤) أي إن كان الجماع قبل الوقوف بعرفة فسد حجه وهذا التقسيم عند الحنفية وباقي الأئمة على أن الجماع يفسد الحج قبل التحلل الأول سواء كان قبل الوقوف أو بعده.
انظر: الفتح (٣/ ٤٤)، الكافي (١/ ٣٩٦)، المجموع (٧/ ٣٣٣)، الشرح الكبير (٨/ ٤٠٩).
(٥) سقطتا من (ب).
(٦) في (ب): وعليهما.
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) في (ب): لمجاوزته.
(٩) أثبته من (ب)، وفي (أ) مما يعدم. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(١٠) انظر: المبسوط (٤/ ١٧٣).