للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصله: أن هاهنا أحكامًا أربعة أحدها أنه لا يجوز للآفاقي دخول مكة بغير إحرام.

وثانيها: أن من دخل مكة بغير إحرام يجب عليه إما حجة، وإما عمرة.

وثالثه: أنه إذا خرج من عامة ذلك، وحج حجة الإسلام يسقط عنه ما وجب عليه قبل ذلك بدخول مكة على ذلك القيد الذي ذكرنا، ورابعها: أنه إذا خرج بعد مضي تلك السنة لا يسقط عنه ما وجب عليه.

وقال زفر-رحمه الله-: لا يجزيه (١)، وهو القياس اعتباراً بما لزمه بسبب النذر).

وذلك لأنه لما وجب بمجاوزته الميقات بغير إحرام إما حجة أو عمرة صار ذلك بمنزلة الشروع في صلاة التطوع، ثُمَّ أفسدها، ثُمَّ لو كان هو في الصلاة كذلك كان لا ينويها الصلاة المفروضة، أو المنذورة منَابها كذا هاهنا بجامع أن الوجوب الفعلي بمنزلة الوجوب القولي في الموضعين.

وجه قول علمائنا، وهو الاستحسان أنه تلافى المتروك في وقته وتداركه؛ لأن الإحرام الثاني، أعني به: الإحرام الذي يأتي به بعد دخول مكة، فيخرج إلى الميقات، فيحرم قائم مقام الإحرام الأول، أعني به: الإحرام/ الذي يأتي به حين بلغ الميقات في سفره الذي أتى إليه من الكوفة أو غيرها على معنى أن الإحرام الأول لو وجد يحصل به أداء الحجّ في هذه السنة بسبب هذا الإحرام بخلاف ما إذا تحولت السنة لما أن الثاني غير قائم مقام الأول، فإن الأول لو وجد يحصل به أداء الحجّ في العام الماضي، وبالإحرام الثاني يحصل به أداء الحجّ في العام القابل فلا يسد مسده كما في صوم الاعتكاف المنذور بصوم رمضان من هذه السنة على ما هو المذكور في الكتاب، والمعنى ما قلنا، فإن قيل: لو عاد إلى الميقات بعد تحول السنة، وأحرم بالعمرة لم يجز ذلك عما لزم بدخول مكة، وهو في الابتداء لو أحرم بعمرة، ثُمَّ أحرم أداء الأعمال إلى السنة الثانية جاز ذلك.

قلنا: نعم، ولكن يكره له تأخير أداء الأعمال بحكم ذلك الإحرام إلى السنة الثانية فالتأخير إلى وقت يوجب الكراهية بمنزلة التفويت في حكم التدارك، فلذلك لا ينوب عما لزمه لدخول مكة بغير إحرام كذا في «الجامع الصغير» الشمس الأئمة السرخسي، والفوائد كما في الاعتكاف المنذور أي المنذور في رمضان من هذه السنة.


(١) أي إذا دخل مكة بغير إحرام لزمه به حجة أو عمرة إذا حج عما عليه من حجة الإسلام في تلك السنة أجزأه عما أحرمه بدخول مكة، وإن تحولت السنة لايجزئه، ووقال زفر: لايجزئه، وإن لم تتحول السنة أيضا وهو القياس.
انظر: تبيين الحقائق (٢/ ٧٤).